______________________________________________________
فمثال الواقع بعد همزة التسوية قولك : سواء عليّ أقمت أم قعدت ؛ فيجوز أن يكون المراد : سواء عليّ ما كان منك من قيام أو قعود ، وأن يكون سواء على ما يكون منك منهما ، وسواء أكان المعادل فعلا كما مثل أم جملة اسمية ، كقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١).
فإن كانت لم يعد أم تعين المضي كقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٢) ؛ لأن المعادل المنفي بلم تعين صرفه بها إلى المضي فوجب مضي ما قبله.
ومثال الواقع بعد حرف التحضيض قولك : هلّا فعلت فتجوز إرادة المضي فتكون لمجرد التوبيخ ، ولا يكون اقترانه بحرف التحضيض مغيرا للفعل عن وصفه ، وتجوز إرادة الاستقبال فيكون بمنزلة الأمر.
قال المصنف : ولذلك احتج العلماء على وجوب العمل بخبر الواحد ، بقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ)(٣) جعلوه بمنزلة لينفر ، وهذان المثالان من المواضع التي يحتمل فيها الفعل المضي والاستقبال في محل واحد.
ومثال الواقع بعد كلما والمعنى ماض : قوله تعالى : (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ)(٤). ومثاله والمعنى مستقبل قوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها)(٥).
ومثال الواقع بعد حيث والمعنى على المضي : قوله تعالى : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ)(٦). ومثاله والمعنى على الاستقبال قوله تعالى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٧). ومثال الواقع صلة والمعنى ماض قوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ)(٨). ومثاله والمعنى مستقبل قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ)(٩).
وقد اجتمع الأمران في قول الشاعر :
٤٩ ـ وإنّي لآتيكم يذكّر ما مضى |
|
من الأمر واستنجاز ما كان في غد (١٠) |
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٩٣.
(٢) سورة البقرة : ٦.
(٣) سورة التوبة : ١٢٢.
(٤) سورة المؤمنون : ٤٤.
(٥) سورة النساء : ٥٦.
(٦) سورة البقرة : ٢٢٢.
(٧) سورة البقرة : ١٤٩ وأيضا : ١٥٠.
(٨) سورة آل عمران : ١٧٣. (٩) سورة المائدة : ٣٤.
(١٠) البيت من بحر الطويل قاله الطرماح بن حكيم كما في مراجعه (معجم الشواهد ص ١١٣).