______________________________________________________
وقد طعن المصنف في الوجهين المذكورين :
أما الأول : فبأن الصالح لمعنى لم يوجد بعد لا ينسب إليه ذلك المعنى حقيقة حتى يصير قائما بذاته. ألا ترى أن رجلا صالح للبناء إذا ركب مع لا ، وخمسة عشر صالح للإعراب إذا فك تركيبه؟ ومع ذلك لا ينسب إليهما إلا ما هو صالح في الحال من إعراب رجل وبناء خمسة عشر ؛ فكذا لا ينسب تغيير إلى ما لا تغير له في الحال.
وأما الثاني : فلأن المبني على حركة مسبوق بأصالة السكون فهو متغير أيضا وحاله تغير ، فلا يصلح أن يحد بالتغيير الإعراب ؛ لكونه غير مانع من مشاركة البناء. انتهى (١).
والجواب عن الأول : أن يقال : إنما يصدق البناء على رجل مع صلاحيته له إذا ركب مع لا والإعراب على خمسة عشر مع الصلاحية له عند الفك ؛ لأن شرط البناء وهو التركيب مفقود في الأول ، وشرط الإعراب وهو الفك مفقود في الثاني ؛ ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط. وأما الكلمات التي لزمت رفعا أو نصبا أو جرّا فكل منها صالح للتغير دون شرط ؛ فلا يلزم أن يصدق عليه (٢) ما لا يصدق على ما انتفى شرط ذلك الحكم فيه.
وعن الثاني [١ / ٥١] : بأن المبني على حركة وإن كان مسبوقا بأصالة السكون ، فليست حركته مجتلبة بعامل ؛ فالتغير الحاصل له ليس كالتغير الذي حصل للمعرب ؛ فإن تغيره إنما هو بعامل ؛ فلا يرد على حد الإعراب بأنه تغير أنه غير مانع لدخول البناء ؛ لأن التغير الحاصل للمبني إنما هو تغير دون عامل بخلاف تغير المعرب.
قال المصنف : وقال بعضهم : لو كانت الحركات وما يجري مجراها إعرابا لم تضف إلى الإعراب ؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه ، وهذا قول صادر عمن لا تأمل له ؛ لأن إضافة أحد الاسمين إلى الآخر مع توافقهما معنى أو تقاربهما واقعة في كلامهم بإجماع.
وأكثر ذلك فيما يقدر أولهما بعضا أو نوعا والثاني كلّا أو جنسا وكلا التقديرين في حركات الإعراب صالح ؛ فلم يلزم من استعماله خلاف ما ذكرنا. انتهى (٣). ـ
__________________
(١) المرجع السابق (ص ٣٣).
(٢) في نسخة (ب) ، (ج) : فلا يلزم ألا يصدق ، وما أثبتناه من الأصل هو الصحيح في المعنى.
(٣) انظر شرح التسهيل (١ / ٣٤).