______________________________________________________
الثاني :
أجمع النحاة على أن الحروف الثلاثة تحذف عند وجود الجازم ، واختلفوا في حذفها ، لماذا؟
فالمحققون على أنها حذفت عند الجازم لا بالجازم (١). قيل : وهو الذي فهم من كلام سيبويه رحمهالله تعالى (٢) وعلل بأن هذه الحروف ليست علامة للرفع والجازم إنما يحذف ما كان علامة له (٣).
ومذهب ابن السراج وأكثر النحاة أن حذف هذه الحروف علامة للجزم (٤).
وهذا الخلاف مبني على أن حروف العلة التي في الفعل في حال الرفع هل فيها حركات مقدرة أو لا؟
فمذهب سيبويه : أن فيها حركات مقدرة في الرفع وفي الألف في النصب ، فهو إذا جزم يقول : الجازم حذف الحركات المقدرة ويكون حذف حرف العلة عنده ؛ لئلا يلتبس الرفع بالجزم.
فإن قيل : الفرق يحصل بينهما بالعامل كما يحصل الفرق في المقصور من ـ
__________________
ـ «قد يضاف صدر المركّب فيتأثّر بالعوامل ما لم يعتلّ ، وللعجز حينئذ ما له لو كان مفردا. وقد لا يصرف كرب مضافا إليه معدي ، وقد يبنى هذا المركّب تشبيها بخمسة عشر».
(١) أي والذي حذفه الجازم إنما هي الحركات المقدرة فوق حروف العلة ، ثم كان حذف هذه الحروف ؛ لئلا يلتبس الرفع بالجزم كما سيذكره.
(٢) جملة (رحمهالله تعالى) ناقصة من (ب) ، (ج).
وانظر رأي سيبويه في كتابه : (١ / ٢٣). يقول : «واعلم أنّ الآخر إذا كان يسكّن في الرّفع حذف في الجزم لئلّا يكون الجزم بمنزلة الرّفع فحذفوا كما حذفوا الحركة ونون الاثنين والجمع ، وذلك قولك : لم يرم ولم يغز ولم يخش ، وهو في الرّفع ساكن الآخر تقول : هو يغزو ويرمي ويخشى».
(٣) كحذف النون في الأفعال الخمسة والضمة في الأفعال الصحيحة الآخر.
كما علل أيضا بأن الأعراب زائد على ماهية الكلمة ، وهذه الحروف من أصلها.
(٤) قال ابن السراج في حديث له عن إعراب المضارع المعتل : «فإن دخل الجزم قلت : لم يغز ولم يرم فحذفت الياء والواو في الوقف ، وكذلك في الوصل تقول : لم يغز عمر ولم يرم بكر. وإنّما حذفت الياء والواو في الجزم إذ لم يصادف الجازم حركة يحذفها ، فحذفت الياء والواو ؛ لأنّ الحركة فيهما وليكون للجزم دليل ، والأمر كالجزم» (الأصول في النحو لابن السراج (٢ / ١٧٠) تحقيق عبد الحسين الفتلي).