[الضرورة وإعراب الأفعال والأسماء]
قال ابن مالك : (ويظهر لأجلها جرّ الياء ورفعها ورفع الواو ويقدّر لأجلها كثيرا ، وفي السّعة قليلا نصبهما ورفع الحرف الصّحيح وجرّه ، وربّما قدّر جزم الياء في السّعة).
______________________________________________________
وقد روي : كأن لم تري على أن التاء للخطاب على طريق التفات إليه من الغيبة ، فلا شاهد في البيت على هذا.
وذهب بعضهم عند إثبات الحروف الثلاثة حال الجزم إلى أن المحذوف هو الضمة الظاهرة ، وأن ذلك على لغة من ضم الياء والواو [١ / ٧٨] حال الرفع ، كما سيأتي أن رفعهما قد يظهر في الضرورة. والقائلون بذلك منعوا إقرار الألف مع الجازم ؛ لأن الألف لا يظهر فيها الضمة ولا غيرها من الحركات.
وليس هذا القول بصحيح ؛ لأن إثبات هذه الأحرف مع الجازم قد جاء كثيرا. وتحريك الياء والواو بالضم إنما هو لغة ضعيفة على أن ذلك مسموع من غير أصحاب تلك اللغة أيضا.
واعلم أنه يجوز في الشعر الجزم بعد حذف هذه الأحرف تشبيها بما لم يحذف منه شيء تقول : لم يغز ، ولم يخش ، ولم يرم ؛ فيسكن بعد الحذف كما يسكن يضرب إذا دخل عليه جازم.
ومنه قول الشاعر :
٧٦ ـ ومن يتّق فإنّ الله معه |
|
ورزق الله مؤتاب وغادي (١) |
حذف حركة القاف من يتق بعد حذف الياء.
قال ناظر الجيش : أي : ويظهر لأجل الضرورة جر الياء ورفعها ورفع الواو ، ـ
__________________
(١) البيت من بحر الوافر ومع دورانه في كتب النحو واللغة لم ينسب إلى أحد.
اللغة : ومن يتق : من التقوى وهو موضع الشاهد حيث سكنت القاف وحقها الكسر.
مؤتاب وغادي : آت ورائح ، والبيت في لسان العرب (مادة : أوب) (١ / ١٦٧) مستشهدا به على أن آب وائتاب بمعنى واحد. ومعنى البيت من قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢ ، ٣].
وانظر البيت في التذييل والتكميل (١ / ٢١٠) وفي معجم الشواهد (ص ١٢٤).