[حكم العطف دون التثنية]
قال ابن مالك : (ولا يغني العطف عن التّثنية دون شذوذ أو اضطرار إلّا مع قصد التّكثير أو فصل ظاهر أو مقدّر).
______________________________________________________
حالة التثنية فتنقلب ألف كلا إلى الواو كما تنقلب ألف عصا ، وتنقلب ألف كلتا إلى الياء (١) كما تنقلب ألف ذكرى فكنت تقول : قام الزيدان كلواهما ورأيتهما كلويهما ومررت بهما كلويهما ، وقامت الهندان كلتياهما ورأيت الهندين كلتييهما ومررت بهما كلتييهما» انتهى (٢).
والجواب : أنه إنما كان يلزم ذلك أن لو ادعى أن كلا وكلتا قد ثنيا ؛ وهو لا يدعي ذلك ، وإنما حكم عليهما بأنهما مثنيان معنى مع أنهما مفردان لفظا.
ثم إن المصنف قد قام عنده الدليل بلغة كنانة وبغيرها أن الأعراب بالحروف ؛ فوجب له القول به ؛ وهذا الإلزام المذكور إن تم إنما كان يلزم العرب لا المصنف.
والعجب أن الشيخ ألزم ذلك في لغة كنانة ولا أدري كيف يلزم أصحاب اللسان.
قال ناظر الجيش : استعمال التثنية بدلا من العطف تخفيف يشبه الإعلال الملتزم ؛ فكما لا يراجع التصحيح في مثل أعان واستعان إلا في شذوذ واضطرار (٣) ، كذا لا يراجع العطف بعد التثنية إلا في شذوذ واضطرار كقول الراجز :
١١٢ ـ كأنّ بين فكّها والفكّ |
|
فأرة مسك ذبحت في سكّ (٤) |
__________________
(١) في الأصل : إلى التاء وهو خطأ.
(٢) انظر : التذييل والتكميل (١ / ٢٦٠). وكلمة انتهى ساقطة من نسخة (ب) ، (ج).
(٣) مثال الشذوذ قولهم : استحوذ واستنوق الجمل وأعول الرجل (كثرت عياله) وأغيلت المرأة إذا أرضعت طفلها وهي حامل. ومثال الاضطرار قول عمر بن أبي ربيعة (من الطويل) :
صددت فأطولت الصّدود وقلّما |
|
وصال على طول الصّدود يدوم |
(٤) البيتان من الرجز المشطور في وصف امرأة بطيب رائحة الفم نسبا لمنظور بن مرثد شاعر إسلامي (انظر ترجمته وأخباره في معجم الشعراء ص ٢٨١) وقد وجدتهما أيضا منسوبين لرؤبة في ملحقات ديوانه (ص ١٩١).