[الأوجه الجائزة في المضاف إلى المثنى]
قال ابن مالك : (ويختار في المضافين لفظا أو معنى إلى متضمّنيهما لفظ الإفراد على لفظ التّثنية ولفظ الجمع على لفظ الإفراد ، فإن فرّق متضمّناهما اختير الإفراد ، وربّما جمع المنفصلان إن أمن اللّبس ، ويقاس عليه وفاقا للفرّاء. ومطابقة ما لهذا الجمع لمعناه أو لفظه جائزة).
______________________________________________________
وقد علمت أن المصنف لم يصرح بقياس ولا غيره ؛ بل قوله (١) : مقتضى الدّليل ألّا يثنّى ... مشعر بعدم القياس فيه (٢).
قال ناظر الجيش : المراد من هذا الكلام : أنه إذا أضيف جزآن إلى ما يتضمنهما من مثنى المعنى وإن لم يكن مثنى اللفظ ، فإنه يجوز في لفظ المضافين المذكورين ثلاثة أوجه : الجمع ، والإفراد ، والتثنية. وسواء كانت الإضافة صريحة أو غير صريحة.
فقوله : في المضافين لفظا إشارة إلى الصريحة ؛ ومثال ذلك قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)(٣). وقوله : أو معنى إشارة إلى غير الصريحة ، كقول الشاعر :
١٥٥ رأيت ابني البكريّ في حومة الوغى |
|
كفاغري الأفواه عند عرين (٤) |
__________________
(١) أي في أول شرحه لهذا الأمر ونصه : مقتضى الدليل ألا يثنى ما دل على جمع ؛ لأن الجمع يتضمن التثنية ... إلخ. انظر الشرح في الصفحة السابقة من هذا التحقيق.
(٢) الحق هو ما قاله وما فهمه ناظر الجيش من كلام ابن مالك وملخصه : أن المثنى والمجموع على حده لا يثنيان ؛ وأما جمع التكسير (غير صيغتي مفاعل ومفاعيل) وأسماء الجمع والجنس فإنه يجوز تثنية هذه الثلاثة ندورا وفي ضرورة الكلام كما سمع في القرآن والحديث والشعر السابق.
قال ابن يعيش : شرح المفصل (٤ / ١٥٣).
«القياس يأبى تثنية الجمع ؛ وذلك أن الغرض من الجمع الدّلالة على الكثرة والتثنية تدل على القلة ؛ فهما معنيان متدافعان ، ولا يجوز اجتماعهما في كلمة واحدة ؛ وقد جاء شيء من ذلك عنهم على تأويل الإفراد ، قالوا : إبلان وغنمان وجمالان ذهبوا بذلك إلى القطيع الواحد وضموا إليه مثله فثنّوه».
(٣) سورة التحريم : ٤.
(٤) البيت من بحر الطويل غير منسوب في مراجعه ، وهو في المدح وهو غاية في التشبيه والوصف الحسن ، حيث يصف الشاعر ممدوحيه في الحرب كأنهما أسدان مفترسان يدافعان عن عرينهما.
اللغة : حومة الوغى : شدة الحرب. كفاغري الأفواه : يقال : فغر فوه انفتح وفغرته فتحته يتعدى ولا يتعدى (المصباح المنير : ٢ / ٧٣٤). عرين : عرين الأسد بيته. والشاهد فيه واضح من الشرح. وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص ٤٠٠). وفي شرح التسهيل (١ / ١٠٦). والتذييل والتكميل (٢ / ٦٦).