[تفوق الأقل في التعريف]
قال ابن مالك : (وقد يعرض للمفوق ما يجعله مساويا أو فائقا).
______________________________________________________
المضاف إلى المضمر ، فجعل المضاف إلى كل منها دونه في التعريف ، ورد عليه بقوله تعالى : (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ)(١) فوصف المضاف إلى ما فيه اللام بما فيه اللام ؛ والمتقرر أن النعت لا بد أن يكون مساويا للمنعوت في التعريف أو أقل منه تعريفا ، ويلزم من قول المبرد أن يكون النعت فائقا للمنعوت في التعريف ، وهو لا يجوز.
وأنشد ابن عصفور في شرح الجمل ردّا على المبرد ، قول الشاعر :
١٨٠ ـ فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه |
|
يمرّ كخذروف الوليد المثقّب (٢) |
وقول الآخر :
١٨١ ـ كتيس الظّباء الأعفر انضرجت له |
|
عقاب تدلّت من شماريخ ثهلان (٣) |
ووجه الرد فيما قرر في الآية الكريمة.
قال ناظر الجيش : لم يمثل المصنف لمفوق جعل مساويا ؛ بل مثل لمفوق جعل فائقا ، قال : «كقولك لرجلين حضراك دون ثالث : لك مبرّة بل لك ، فإنهما ـ
__________________
(١) سورة طه : ٨٠.
(٢) البيت من بحر الطويل من قصيدة لامرئ القيس في الغزل والوصف ، وهي مليئة بالغريب كشعر امرئ القيس كله ومطلعها (الديوان ص ٤١ ـ ٥٥) :
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب |
|
نقضّي لبانات الفؤاد المعذّب |
وهو في بيت الشاهد يصف شدة عدو فرسه وتحريكه له. وأن زجره يلهبه حتى يصير في شدة جريه كخذروف الوليد إذا أداره ؛ ومع ذلك فقد أدرك الفرس صيده دون مشقة.
والبيت يحتج به ابن عصفور على المبرد القائل : إن المضاف إلى أحد المعارف دون المضاف إليه في التعريف ، بأنه يلزم منه أن يكون النعت فائقا المنعوت في التعريف في مثل هذا البيت (حيث وصف الخذروف بالمثقب) وهو لا يجوز ؛ فدل على أن المضاف إلى أحد المعارف مساو للمضاف إليه. والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في التذييل والتكميل : (٢ / ١١٨).
(٣) البيت من قصيدة لامرئ القيس أيضا من بحر الطويل ومطلعها (الديوان ص ٨٩ ـ ٩٣) :
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان |
|
ورسم عفت آياته منذ أزمان |
وبيت الشاهد في وصف فرس له.
اللغة : تيس الظباء : الذكر من الظبي. الأعفر : ما يعلو بياضه حمرة. انضرجت له : انقضت عليه.
العقاب : بالضم طائر قوي. تدلّت : ظهرت. شماريخ ثهلان : أعالي الجبل المسمى بثهلان.