[اختلاف النحويين في ترتيب المعارف]
قال ابن مالك : (وليس ذو الإشارة قبل العلم ؛ خلافا للكوفيّين ، ولا ذو الأداة قبل الموصول ، ولا من وما المستفهم بهما معرفتين ؛ خلافا لابن كيسان في المسألتين).
______________________________________________________
قال الأستاذ أبو علي الشلوبين : «لم يلتفت سيبويه هنا في التعريف والتنكير إلا إلى حال الوجود لا إلى ما تخيله الكوفيون ، وإذا نظر إلى حال الوجود كان التنكير قبل التعريف صحيحا ؛ لأن الأجناس هي أول ثم الأنواع ووضعها على التنكير ؛ إذ كان الجنس لا يختلط بالجنس ، والنوع لا يختلط بالنوع ، والأشخاص هي التي حدث فيها التعريف لاختلاط بعضها ببعض. فالذي قاله سيبويه صحيح لا اعتراض عليه» (١).
قال ناظر الجيش : قال المصنف (٢) : «اسم الإشارة عند الكوفيين أعرف من العلم ، ولهم في ذلك شبهتان (٣) :
إحداهما : أن اسم الإشارة ملازم للتعريف غير قابل للتنكير ، والعلم بخلاف ذلك ؛ فكان تعريفه دون تعريف اسم الإشارة (٤).
والثانية : أن تعريف اسم الإشارة حسي وعقلي ، وتعريف العلم عقلي لا غير. وتعريف من جهتين أقوى من تعريف من جهة واحدة.
والجواب عن الأولى أن يقال [١ / ١٣١] :
لزوم الشيء معنى لا يوجب له مزية على ما له ذلك المعنى دون لزوم. بل قد تثبت المزية لغير ذي اللزوم على ذي اللزوم كما تثبت لنقيضك على غيرك مزية ، فيتعرف بالإضافة مع عدم لزومه لها ، ولم يتعرف غيرك بها مع لزومه لها. وكما يثبت للجميع مزية على الجماء في قولهم : جاءوا الجماء الغفير ، بحيث عد الجميع ـ
__________________
(١) المرجعان السابقان.
(٢) شرح التسهيل : (١ / ١١٧).
(٣) انظر إلى قول الشارح هنا : قال المصنف : اسم الإشارة عند الكوفيين أعرف من العلم ، ثم قوله قبل عند ما ذكر أعرف المعارف فقال : وقيل : أعرفها العلم وعزي إلى الكوفيين والصيمري ؛ والذي ذكر هنا هو الصحيح لأن كلمة عزي التي وردت هنا وفي الهمع : (١ / ٥٦) تدل على الشك في النسبة.
(٤) مثال تنكير العلم أن تقول : مررت بسيبويه وسيبويه آخر ؛ فالثاني من الاسمين نكرة لا خلاف في ذلك ؛ حتى قالوا : إنه إذا نكر العلم في مثل هذا وجب تنوينه ويسمى تنوين التمكين (حاشية الصبان : ١ / ٣٤).