[مواضع استتار الضمير وجوبا]
قال ابن مالك : (فمنه واجب الخفاء وهو المرفوع بالمضارع ذي الهمزة أو النّون ، وبفعل أمر المخاطب ، ومضارعه ، واسم فعل الأمر مطلقا).
______________________________________________________
قال ناظر الجيش : اعلم أن المضمر إما مستكن وإما بارز ، والبارز قسمان : متصل ومنفصل ، والمستكن قسمان : واجب الاستكنان وجائزه.
وبدأ المصنف بالكلام على المستكن ، وبدأ منه بما يجب استكنانه ؛ فكأنه قال من المضمر مستكن ؛ بدليل قوله بعد : ومنه بارز ؛ ثم قال : فمنه ، أي فمن المستكن واجب الخفاء ؛ والمراد بالواجب الخفاء : ما لا يزال مستكنّا ولا يغني عنه ظاهر ولا مضمر بارز.
وذكر أن الخفاء واجب في مواضع خمسة (١) وهي :
المضارع ذو الهمزة والنّون كأفعل ونفعل ، وفعل أمر المخاطب كافعل.
وأراد بالمخاطب المفرد المذكر ؛ فاستغنى عن التقييد باللفظ ؛ فلو كان فعل الأمر لمؤنث أو مثنى أو جمع ، برز الضمير كافعلي وافعلا وافعلوا. ومضارع المخاطب (٢) والمراد المفرد المذكر أيضا كتفعل واسم فعل الأمر كنزال.
قال المصنف : «فكلّ واحد من هذه الأمثلة الخمسة رافع اسم استغنى بمعناه عن لفظه ؛ فإن قصد توكيده جيء بالبارز المطابق له ، وهو أنا بعد أفعل ، ونحن بعد نفعل ، وأنت بعد افعل وتفعل ونزال يا زيد» انتهى (٣).
فعلى هذا أنت في قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ)(٤) توكيد ؛ ولو كان فاعلا لما قيل في خطاب الاثنين والجمع اسكنا أنتما واسكنوا أنتم ؛ بل كان يقال اسكن أنتما واسكن أنتم.
وذكر مطلقا بعد اسم الفعل تنبيها على أنه يستوي فيه خطاب الواحد المذكر ـ
__________________
(١) في نسخة (ب) : في خمسة مواضع. وهما سيان.
(٢) هذا هو الموضع الرابع من الخمسة التي يجب فيها خفاء الضمير ؛ والخامس ما ذكره بعد ، واسم فعل الأمر كنزال.
(٣) شرح التسهيل (لابن مالك): (١ / ١٢٠) إلا أن كلمة يا زيد غير موجودة في النسخة المحققة.
(٤) سورة البقرة : ٣٥ ، والأعراف : ١٩ ، وانظر في هذا الإعراب تفسير الكشاف (١ / ٢٧٣) ، والتبيان للعكبري (١ / ٥٢).