______________________________________________________
الأول : ما أشار إليه : وتسكين ميم الجمع إلى آخره.
وحاصله : أن ميم الجمع المتصلة بتاء الضمير لها ثلاثة استعمالات :
التسكين ، وضمها باختلاس ، وضمها بإشباع ، لكن الإسكان أعرف من قسيميه ، والإشباع أقيس وهو الأصل (١) ، واستعماله أقل من السكون وأكثر من [١ / ١٣٧] الاختلاس ولقلة الاختلاس لم يتعرض إليه في المتن.
هذا إذا لم يل الميم ضمير منصوب متصل ، فإن وليها الضمير المذكور لزم الإشباع ، كقوله تعالى : (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(٢) ، وأجاز يونس التسكين نحو : رأيتمه (٣).
قال المصنف : «ولا أعلم له في ذلك سماعا إلا ما روى ابن الأثير (٤) في غريب الحديث (٥) من قول عثمان رضياللهعنه : «أراهمني الباطل شيطانا» وقياسه (٦) : أراهموني ولو جاء هكذا كان أيضا شاذّا مثل الإسكان من وجه آخر :
وهو أنه إذا تعدى الفعل إلى مفعولين وكانا ضميرين ، فإن ضمير المتكلم يقدم على ضمير المخاطب وعلى ضمير الغائب ، وضمير المخاطب يقدم على ضمير الغائب ؛ فكان القياس أن يقال أرانيهم الباطل شيطانا» انتهى. ـ
__________________
(١) إنما كان الإشباع هو الأصل والقياس ؛ لأنه قد جيء في المثنى بالميم مفتوحة ، وجاء بعدها ألف ، فالواجب في الجمع أن يؤتى بالميم مضمومة ومعها واو وهو الإشباع. وإنما كان هذا قليلا في الاستعمال ، وكان التسكين أكثر منه ؛ لثقله وخفة الآخر.
(٢) سورة آل عمران : ١٤٣.
(٣) انظر : شرح الرضي (٢ / ٨) ، والهمع (١ / ٥٨) وقد أسنده لسيبويه مع يونس ، والتذييل والتكميل : (١ / ٤١٣) وقد أسنده أبو حيان للكسائي والفراء مع يونس ، كما سيأتي في الشرح.
(٤) هو المبارك بن محمد الشيباني الجزري المحدث الأصولي ولد سنة ٥٤٤ ه وأصيب بمرض النقرس ، فلزم بيته ، وألف كتبه ومنها : النهاية في غريب الحديث (أربعة أجزاء) وجامع الأصول في حديث الرسول (عشرة أجزاء) توفي سنة (٦٠٦ ه) وهو أخو ابن الأثير المؤرخ وابن الأثير الكاتب.
ترجمته في الأعلام : (٦ / ١٥٢).
(٥) انظر ذلك الكتاب بعنوان : النّهاية في غريب الحديث والأثر (٢ / ١٧٨) وهو بنصه.
وقد حكى ابن الأثير الشذوذين اللذين في الشرح.
(٦) من أول : وقياسه إلى قوله : انتهى ، سقط من شرح التسهيل لابن مالك ، وهو مسند إليه كما ترى.
وانظر شرح التسهيل (١ / ١٢٢).