[نيابة بعض الضمائر عن بعض]
قال ابن مالك : (ويأتي ضمير الغائبين كضمير الغائبة كثيرا ، لتأوّلهم بجماعة ، وكضمير الغائب قليلا ؛ لتأوّلهم بواحد يفهم الجمع أو لسدّ واحد مسدّهم. ويعامل بذلك ضمير الاثنين وضمير الإناث بعد أفعل التّفضيل كثيرا ودونه قليلا).
______________________________________________________
والأصل : ترميون وتعفوين فاستثقلوا ضم الياء المكسور ما قبلها وكسر الواو المضموم ما قبلها ، فخففتا بالتسكين ، وخيف انقلابهما فحرك ما قبلهما بما يجانسهما (١).
قال ناظر الجيش : إتيان ضمير الغائبين كضمير الغائبة ، كقوله تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ)(٢). ومنه قول الراجز :
١٩٠ ـ قد علمت والدتي ما ضمّت |
|
إذا الكماة بالكماة التفّت (٣) |
قال المصنف : «فهذا كثير بخلاف إتيانه كضمير الغائب ؛ فإنه قليل ، ومنه قول ـ
__________________
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ١٣٨) ، وفي آخر هذا الكلام قال أبو حيان :
قوله : ويسكن آخر المسند إلى قوله : وجعلت الحركة المجانسة على ما قبله ... هو من علم التّصريف وفيه ذكره النّحاة : واستعجل المصنّف ذكره في هذا الباب وليس محلّ ذكره (التذييل والتكميل : ١ / ١٤٧).
(٢) سورة المرسلات : ١١.
(٣) البيتان من مشطور الرجز ، وهما لجحدر : ربيعة بن ضبيعة من قيس ، قالهما في الفخر والشجاعة ، من مقطوعة قصيرة في ديوان الحماسة : (١ / ٥٠٧) ، وهذا من الشعر الذي اكتشفت قائله. يقول جحدر :
ردّوا عليّ الخيل إن ألمّت |
|
إن لم أناجزها فجزّوا لمّتي |
قد علمت والدتي ما ضمّت |
|
ما لفّفت في خرق وشمّت |
إذا الكماة بالكماة التفّت |
يذكر أن والدته توسمت فيه الشجاعة وهو طفل.
وشاهده واضح : حيث أجرى ضمير الجمع الغائب مجرى ضمير الغائبة لتأوله بجماعة. والبيت ليس في معجم الشواهد ، وهو في شرح التسهيل (١ / ١٣٩) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ١٤٨).
ترجمة جحدر : جحدر هذا لقب له ، ومعناه القصير ، واسمه ربيعة بن ضبيعة فارس بكر في الجاهلية ، وقتل في حرب تغلب يوم تحلاق اللمم ، وكان من نسله عظماء ، مات قبل الإسلام بنحو مائة سنة (ترجمته في الأعلام : ٢ / ١٠٣).