[مفسّر ضمير الغائب وتقديمه]
قال ابن مالك : (فصل : الأصل تقديم مفسّر ضمير الغائب ، ولا يكون غير الأقرب إلّا بدليل ، وهو إمّا مصرّح بلفظه ، أو مستغنى عنه بحضور مدلوله حسّا أو علما أو بذكر ما هو له جزء أو كلّ أو نظير أو مصاحب بوجه ما).
______________________________________________________
والذي ذكره الشيخ حق ، وقد كان وقع لي هذا عند قراءة هذا الموضع ، ولكن لما ذكره الشيخ تعين إسناده إليه.
قال ناظر الجيش : ما دل على الحضور وهو ضمير المتكلم والخطاب مستغن عن المفسر [١ / ١٦٩] اكتفاء بالمشاهدة المقارنة الدالة على المراد به.
وأما ضمير الغائب فليس له مشاهدة مقارنة فاحتاج لذلك إلى مفسر.
والأصل أن يكون المفسّر مقدما على ما يفسره ، ولا يكون مؤخرا إلا في أبواب محصورة (١) ، فقول المصنف : الأصل تقديم مفسّر ضمير الغائب يفهم منه شيئان :
أحدهما : أن ضمير الغائب لا بد له من مفسر ، ويفهم منه أن ضمير الحضور مستغن عن ذلك.
والثاني : أن الأصل في المفسّر أن يكون مقدما على الضمير المفسّر.
وذكر المصنف والشيخ أن ضمير الحضور مفسر بالمشاهدة ، والأمر في ذلك قريب والظاهر ما ذكرته (٢).
ثم إذا تقدم على الضمير شيئان صالح كل منهما للتفسير ـ فالمفسّر هو الأقرب نحو : أكرمت زيدا وعمرا في داره ، فالضمير لعمرو لقربه.
ولا يكون المفسّر غير الأقرب ، إلا إن دل على ذلك دليل ، ومثّله الشيخ بقوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ)(٣) ، ـ
__________________
(١) ستأتي مسائل تأخير المفسر جوازا ومسائل تأخيره وجوبا.
(٢) الخلاف بين ناظر الجيش وبين ابن مالك وأبي حيان لفظي : وما ذكره ناظر الجيش أن ضميري المتكلم والخطاب مستغنيان عن المفسر اكتفاء بالمشاهدة المقارنة الدالة على المراد بهما. وما ذكره الآخران أن ضميري التكلم والخطاب تفسرهما المشاهدة. شرح التسهيل (١ / ١٥٦) ، التذييل والتكميل : (٢ / ٢٥٢).
(٣) سورة العنكبوت : ٢٧.