[أحكام أخرى تخص ضمير الشأن]
قال ابن مالك : (وإفراده لازم وكذا تذكيره ما لم يله مؤنّث ، أو مذكّر شبيه به مؤنّث ، أو فعل بعلامة تأنيث ، فيرجّح تأنيثه باعتبار القصة على تذكيره باعتبار الشّأن).
______________________________________________________
البصريون حذف بعض الجمل المذكورة ؛ لأنها مؤكدة له ، ومدلول به على فخامة مضمونها. واختصارها مناف لذلك ؛ فلا يجوز [١ / ١٧٦] كما لا يجوز ترخيم المندوب ، ولا حذف حرف النداء قبله.
قال المصنف (١) : «وبهذا يعلم أنّ ما أجازه الكوفيّون من : إنّه ضرب ، وإنّه قام ونحوهما ـ غير مستقيم ولا سليم ؛ لافتتاحه بمزيد الاعتناء بالمحدّث عنه ، واختتامه بحذف ما لا بدّ منه» (٢).
وأما تجويزهم نحو : ظننته قائما زيد ، على أن يكون الهاء ضمير الشأن ـ فمردود أيضا ؛ لأن سامعه يسبق إلى فهمه كون زيد مبتدأ مؤخرا ، وكون ظننت ومفعوليها خبرا مقدما ، وذلك مفوت للغرض الذي لأجله جيء بضمير الشأن ؛ لأن من شرطه عدم صلاحية الضمير لغير ذلك ، حتى يحصل به من فخامة الأمر ما قصده المتكلم.
قال ناظر الجيش : لا يجوز أن يكون ضمير الشأن مثنّى ولا مجموعا ؛ لأنه كناية عن الشأن في التذكير ، وعن القصة في التأنيث ، وهما مفردان ، فوجب إفراد ما هو كناية عنهما ، فيقال : إنه أخواك منطلقان ، وإنها جاريتاك حسنتان ، وإنه إخوتك صالحون ، وإنها إماؤك مطيعات. ولا تؤنث إلا إذا وليه مؤنث ، كقوله تعالى : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٣) ، أو مذكر شبه به مؤنث نحو : «إنّها قمر جاريتك» (٤) ، أو فعل بعلامة تأنيث مسند إلى مؤنث ، كقوله تعالى : ـ
__________________
(١) شرح التسهيل (١ / ١٦٤).
(٢) وعلل ابن هشام ضعفه ، فقال : «فيه فسادان : التّفسير بالمفرد ، وحذف مرفوع الفعل».
(المغني : ٢ / ٤٩٠).
(٣) سورة الأنبياء : ٩٧.
(٤) إعراب إنها قمر جاريتك : إنّها : إن واسمها. قمر جاريتك : خبر مقدم ومبتدأ مؤخر ، والجملة خبر إن. ويجوز أن يعرب قمر مبتدأ (على رأي الكوفيين) وجاريتك فاعل سد مسد الخبر. ومثل هذا المثال الآية السابقة.