خاتمة
عشنا نحن الستة في صحبة ناظر الجيش وكتابه : تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ـ فترة طويلة بلغت خمس سنوات لكل واحد منا ، استطعنا من خلالها التعرف على شخصية هذا العالم الكبير. وراعنا بعد هذه الصحبة أنه ليس لهذا الرجل إلى الآن أثر قد حقق ، أو دراسة قد عقدت ؛ من أجل إظهار جوانب هذه الشخصية التي بهرت أساتذته ، ومعاصريه. ونتوجه بالشكر إلى الله أن جعلنا أول باحثين في شخصية هذا الرجل وأول محققين لكتاب من أعظم كتبه ؛ فهذا شرف كبير لنا.
ولعل انصراف الباحثين عن هذا الرجل وعن آثاره هو الذي وضعنا في هذا الموضع ، فليس لنا أن ندعي أننا حزنا قصب السبق في هذا المجال. فلو أن يدا قد امتدت إلى هذا المخطوط قبلنا وقامت بتحقيقه ما كان لنا أن نضطلع بهذه المهمة ؛ ولكن يجوز لنا أن نقول : إن سبب الانصراف عن مثل هذا المخطوط إلى الآن هو ـ كما قال بعض الباحثين ـ ضعف الهمم وفتور العزائم عن التعامل مع أمثال هذه الموسوعات النحوية ؛ فلجأ الجميع إلى السهل الموجز متهيبا الدخول في أعماق كتاب مثل هذا الكتاب وهو تمهيد القواعد ؛ خوف الضلال.
وقد خرجنا من البحث بالنتائج التالية :
١ ـ يعد ناظر الجيش من الشخصيات البارزة في مجال النحو واللغة والبيان. فله شرح على التلخيص لجلال الدين القزويني كما رأينا. كما يعد ناظر الجيش أيضا من الشخصيات التي برزت في ميادين أخرى غير ميدان العلم كميدان السياسة ؛ فهو أحد الأعلام المشهورين في عصر المماليك البحرية ؛ حيث تولى نظر البيوت السلطانية ونظر الدواوين وغير ذلك ، حتى أصبح في عهد الملك الأشرف لا يقطع أمر دونه (١).
__________________
(١) ينظر : درة الأسلاك (ص ٤٨٧) وعقد الجمان للعيني حوادث سنة (٧٧٨ ه).