.................................................................................................
______________________________________________________
لكن ذكر (١) الشيخ جمال الدين بن عمرون ـ رحمهالله تعالى ـ أن تنكير العلم ليس على حد التنكير في الأجناس ، قال : «لأنّ الجنس يفيد حقيقة مشتركة ... فالتّنكير فيه يفيد واحدا من تلك الحقيقة والعلم لشيء بعينه ، ومحال وجود شخص آخر هو ذاك بعينه ، لكن تنكيره (٢) على معنى مسمّى ، وحينئذ لا يفيد معيّنا ، بل يفيد مسمّى ما بهذا الاسم. وهذا يمكن وقوع الشّركة فيه» ثم قال : «وينكّر العلم بطريق آخر : وهو أن يشهر بمعنى من المعاني ، فيصير بمنزلة الجنس الدّال على ذلك المعنى كما في قولهم : لكل فرعون موسى ، أي : لكلّ جبار مبطل قهّار محقّ».
ثم قال : «ولأجل أنّ تنكير العلم بتأويل يخرجه عمّا وضع له لم يصحّ اعتباره إلّا مع قرينة : إمّا إضافة أو لام أو غير ذلك كقولهم : لا هيثم اللّيلة ؛ لتنبّه القرينة على المراد لمّا كان خفيّا ومخرجا للاسم عمّا وضع له».
قال : «ولما ذكرنا من أمر القرينة لما مثّل النّحاة في باب : ما لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة : تنكير الاسم ، أدخلوا ربّ ، فقالوا : ربّ إبراهيم ، وقالوا : جاءني إبراهيم وإبراهيم آخر ؛ فوصفوا ؛ بالنّكرة الاسم الثّاني دون الأوّل لأمر ، وهو أنّ ذكره ثانيا بعد ذكره أوّلا يصيّر الشّركة محقّقة ، فيحكم عليه أنّه نكرة ويوصف بنكرة ؛ وليس مجرد الشّركة العارضة موجبة لتنكير العلم ، ألا ترى أنّك تصفه بالمعرفة؟» انتهى كلامه.
ثم مثل للإضافة بما مثل به الزمخشري من قولهم : مضر الحمراء (٣) ، قال : وهو ـ
__________________
(١) لم أجد لابن عمرون مؤلفا بين أيدينا مخطوطا أو مطبوعا ، كل ما ذكر في ترجمته أنه شرح المفصل (بغية الوعاة : ١ / ٢٣١) ومع ذلك لم يذكره بروكلمان حين ذكر شروح المفصل.
(تاريخ الأدب العربي له : ٥ / ٢٢٥).
(٢) كان يوجد بهذا الكلام خلل بالمخطوطة نبه عليه قارئ لها بقوله : قف ، وأصله قبل التعديل : ومحال وجود شخص آخر هو ذاك بعينه ، وإلا يلزم أن يكون هو ذاك ، فيكون واحدا لاثنين ؛ لكن تنكيره على معنى مسمى ... إلخ.
(٣) المفصل للزمخشري (ص ١٢) : فصل : تأويل العلم بواحد من الأمّة المسمّاة ، قال : «وقد يتأوّل العلم بواحد من الأمّة المسمّاة به ؛ فلذلك من التأول يجري مجرى رجل وفرس ، فيجترأ على إضافته وإدخال اللّام عليه ، قالوا : مضر الحمراء ، وربيعة الفرس ، وأنمار الشّاة».