والقصص الذي روي مرافقا لشعر قيل في زمن عمر بن الخطاب ، قصص موضوع لا يصحّ. ومن ذلك زعمهم أن عمر سمع امرأة تنشد :
ألا سبيل إلى خمر فأشربها |
|
أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج |
فهذه القصة موضوعة ، انظر تحقيقها في كتابنا «المدينة في فجر الإسلام والعصر الراشدي».
وفي قصة «سحيم عبد بني الحسحاس» أقوال كثيرة لا تصح ، حيث زعموا أن عمر بن الخطاب سمع قصيدة سحيم التي مطلعها :
عميرة ودّع إن تجهزت غازيا |
|
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا |
فقال عمر : لو قدّمت الإسلام على الشيب لأجزتك. فهذا لا يصح ؛ لأن عمر لم يكن يجيز على الشعر ، وإنما يعطي كلّ إنسان حقّه من العطاء السنوي. ثم إن القصيدة عامرة بالفسق والفجور ووصف المغامرات.
ويزعمون أنّ قومه قتلوه وأحرقوه ـ في زمن عثمان ـ وهذا لا يصحّ ؛ لأنه لو ثبت عليه حدّ الزنا ، فليس عليه إلا الجلد والتغريب ، أو الرجم ، فكيف يقتل ويحرق في العهد الراشدي.
ويزعمون أن سبب تعلّق عميرة به أن أنقذها من يهودي خطفها وحبسها في حصنه ... ولم يكن ـ زمن عمر ، وزمن عثمان ـ يهود في المدينة.
وألغى ابن قتيبة عقله فقال :
«ويقال سمعه عمر بن الخطاب ينشد :
ولقد تحدّر من كريمة بعضهم |
|
عرق على جنب الفراش وطيب |
فقال له عمر : إنك مقتول. فسقوه الخمر ثم عرضوا عليه نسوة فلما مرت به التي كان يتهم بها أهوى إليها فقتلوه!» «الشعر والشعراء» ص ٣٢١. وهذا كذب ما كان له أن يرويه. فلو أنّ عمر سمعه يقول كذا ؛ لنفاه عن المدينة ، كما روي أنه نفى بعض الفجّار ، وكيف يسقونه الخمر لاكتشاف من يتّهم بها من النساء والرجل