وهذا خطاب لامرأته ، ولكنه ليس غزلا أو حنينا ، وإنما هو مطلع ممهد للفخر ، بل هو من لوازم الفخر ، فهو يوجه الخطاب إلى امرأته (ابنة منذر) وكانت تلومه على الخطار بنفسه وإدمانه الغزوات والغارات في أحياء العرب ، فرد عليها قولها بأنه إنما يبغي بذلك المجد. ويرسم في القصيدة سياسة للصعاليك ، فهو لا يرضيه الصعلوك الخامل ، وإنما يريده على أن يكون غازيا جريئا ، ويعلن أنه سيواصل الغارات متزعما أصحابه لكي يشبع رغبة الجود والبذل الذي أخذ نفسه به ، وهذه كلها من مفاخره الذاتية.
وقصيدة مالك بن حريم في «الأصمعيات» بدأها بإظهار جزعه من الشيب بعد الشباب وهي قصيدة في الفخر.
وقصيدة كعب بن سعد الغنوي من الأصمعيات ، وهي قصيدة فخرية ، بدأها بخطاب المرأة التي لامته لأنه يجابه الأخطار ، وهو ليس مطلعا غزليا ، وإنما هو مدخل فنيّ إلى الفخر.
وقصيدة الأسعر الجعفي ، عدة أبياتها ثلاثون بيتا في الفخر ، وتبدأ بقوله :
أبلغ أبا حمران أن عشيرتي |
|
ناجوا وللقوم المناجين التّوى |
هذا ، والقصائد الفخرية التي بدأت بالفخر ، أو بما يدعو إلى الفخر كثيرة لا حصر لها. وقل مثل ذلك في قصائد النصائح والحكمة ، ومنها قصيدة عبد قيس بن خفاف في «المفضليات» ، ومطلعها :
أجبيل إنّ أباك كارب يومه |
|
فإذا دعيت إلى العظائم فاعجل |
* ولعلّ أول من أوهم النّقاد بأن المقدمة الطّلليّة تقليد لازم ، هو ابن قتيبة عند ما قال في مقدمة «الشعر والشعراء» : «وسمعت بعض أهل العلم بالشعر يذكر أنّ مقصّد القصيد ، إنما ابتدأ بذكر الديار والآثار ... الخ» فعمم القول على القصيد كلّه ، ولكن آخر كلامه يدل على أن المقدمة الطللية تقليد في قصيدة المدح فقط ، لقوله :
«فإذا علم ـ الشاعر ـ أنه قد أوجب على صاحبه ـ الممدوح ـ حقّ الرجاء ، وقرر