.................................................................................................
______________________________________________________
أو مرفوع حكما ، أي : في المعنى دون اللفظ ، وذلك في ثلاثة مواضع (١) :
أحدها : إذا جرّ بمن الزائدة نحو : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٢).
الثاني : إذا جرّ بالباء الزائدة نحو : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٣).
الثالث : إذا أضيف إليه المسند نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(٤).
وإنما قال المصنف : (بإضافة المسند) ولم يقل : بإضافة المصدر ؛ لأن المسند الصالح للإضافة قد يكون اسم مصدر كما يكون مصدرا ، فالمصدر قد ذكر ، وغير المصدر كقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قبلة الرّجل امرأته الوضوء» (٥) فالرجل مجرور اللفظ مرفوع المعنى بإسناد «قبلة» إليه فإنها قائمة مقام تقبيل ؛ لذا انتصب بها المفعول ، وكذا المجرور بـ «من» «والباء» مرفوع معنى ، ولو عطف أو نعت ؛ لجاز في المعطوف والنعت الجر باعتبار اللفظ ، والرفع باعتبار المعنى (٦).
وأما الرافع للفاعل فهو ما أسند إليه من فعل أو مضمن معناه ، هذا هو المذهب الصحيح وعليه التعويل وهو رأي سيبويه فإنه قال : يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل [٢ / ٢٢٩] لأنك لم تشغل الفعل بغيره ، وفرغته له كما فعلت ذلك بالفاعل (٧).
وهذا الكلام ظاهر في أن الرافع للفاعل هو : الفعل المسند إليه وهو الحق ؛ لأن ـ
__________________
قيل : فهلا كان الأمر بالعكس؟ فالجواب : أن الفعل لما كان يطلب جملة من المفعولين أقلها خمسة وهي : المفعول المطلق ، والمفعول معه ، وظرف الزمان ، وظرف المكان ، والمفعول من أجله ، وأكثرهم ثمانية ، وذلك إذا كان الفعل من باب ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين ، ولا يطلب من الفاعلين إلا واحدا نصب طلبا للتخفيف ولم يرفع ولم يخفض ؛ لئلا يتوالى به الثقل ، فلما استحق المفعول النصب لم يبق للفاعل إلا الرفع أو الخفض فكان الرفع به أولى من الخفض ، حيث كان الرفع أولا والخفض ثانيا عنه ، والفاعل أولى من حيث مرتبته إن تقدم على المفعول ، فأعطى الأول للأول مناسبة» اه.
وينظر : شرح السيرافي في الكتاب (٢ / ٢٢٠) تحقيق دردير أبو السعود ، فتعليله متفق مع تعليل ابن عصفور ، وتعليل الشارح ، وينظر أيضا : المرتجل (ص ١١٨) حيث علل صاحبه بهذا التعليل أيضا.
(١) شرح التسهيل : (٢ / ١٠٦).
(٢) سورة الحجر : ١١.
(٣) سورة النساء : ١٦٦ ، وسورة الفتح : ٢٨.
(٤) سورة البقرة : ٢٥١ ، وسورة الحج ٤٠.
(٥) حديث شريف أخرجه الإمام مالك في الموطأ الحديث (٦٧) من كتاب الطهارة.
(٦) ينظر : الهمع (١ / ١٦٠) ، وأوضح المسالك (١ / ١٣٩) ، والتصريح (١ / ٢٧٠) ، والأشموني (٢ / ٤٤).
(٧) الكتاب (١ / ٣٣).