.................................................................................................
______________________________________________________
العامل بما به يتقوم المعنى المقتضي.
وقد قيل في الرافع للفعل أقوال غير ذلك لا معول على شيء منها.
فمنها : أنه الإسناد ، وهو الذي ذكر المصنف أنه مذهب خلف (١) ، ورده بأن الإسناد نسبة بين المسند والمسند إليه وليس عملهما في أحدهما بأولى من عملها في الآخر ، وبأن العمل لا ينسب إلى المعنى إلا إذا لم يوجد لفظ صالح للعمل ، والفعل موجود فلا عدول عنه.
ومنها : أن الرافع هو شبهه بالمبتدأ ، وذلك أنه يخبر عنه بفعله كما أن المبتدأ يخبر عنه بالخبر ، ويرد هذا بأن الشّبه معنى ، والعمل لا ينسب إلى المعنى مع وجود لفظ يمكن عمله كما تقدم على أن هذا القول إنما يتم على قول من يقول : إن المبتدأ أصل في المرفوعات.
ومنها : أن الرافع له كونه فاعلا في المعنى ، وهذا في غاية الوهن بدليل أن نحو «زيد» في «ما قام زيد» فاعل وهو لم يفعل شيئا (٢) ، ومثل هذه الأقوال لا ينبغي التشاغل بها.
وأما قول المصنف : (وإن قدم ولم يل ما يطلب الفعل فهو مبتدأ) إلى آخره ، فاعلم أنه قد عرف من جعله تقديم المسند إلى الفاعل قيدا في الحد أن الفاعل لا يتقدم ، فعلى هذا إذا أتي باسم مقدم على شيء صالح أن يكون الاسم فاعلا له أخّر عنه ، وجب أن لا يكون ذلك الاسم مبتدأ ، ولا شك أن هذا عرف من التقييد بالتقديم في الحد ، لكن إنما أعاد المصنف ذكره لفائدتين.
إحداهما : التنبيه على خلاف الكوفيين ، وأنهم يجيزون تقديم الفاعل على ـ
__________________
(١) هو خلف الأحمر البصري أبو محرز بن حيان مولى بن أبي برده ، كان رواية ثقة علامة يسلك مسلك الأصمعي وطريقه ، حتى قيل : هو معلم الأصمعي ، وهو والأصمعي فتقا المعاني وأوضحا المذاهب وبينا المعالم ، قيل : إنه كان يختم القرآن كل ليلة.
من تصانيفه : جبال العرب وما قيل فيها من الشعر ، وله ديوان شعر حمله عنه أبو نواس ، توفي خلف في حدود الثمانين ومائة. بغية الوعاة (١ / ٥٥٤) تحقيق محمد أبو الفضل.
(٢) ينظر هذه الأقوال في شرح الجمل لابن عصفور (١ / ١٦٥ ، ١٦٦) طبعة العراق ، وشرح الرضي على الكافية (١ / ٧١) ، والتصريح (١ / ٢٦٩) ، والهمع (١ / ١٥٩) ، وشرح الألفية للمرادي (٢ / ٨).