.................................................................................................
______________________________________________________
وعن الثاني : أن يقال : الإسناد كما يكون إلى الفاعل يكون إلى المبتدأ ، والذي يسند إلى المبتدأ هو الخبر ، وإذا كان الخبر مسندا فلفظ المسند صادق عليه ، وإذا كان كذلك ؛ فقول المصنف : (وهو المسند إليه فعل أو مضمّن معناه) يصدق على «زيد» من نحو : قائم زيد ، أنه مسند إليه ما ضمن معنى الفعل (١) وعلى (الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٢) أنه مسند إليه فعل (٣) ، وقد قدم المسند عليهما ، فلو اقتصر على ما تقدم لزم أن يكون «زيد» و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) فاعلين ، ولا شك في أنهما مبتدآن فوجب إخراجهما فأخرجهما بقوله : (فارغ) ؛ لأن قائما وإن كان مسندا مقدما فليس فارغا ، وكأن الشيخ قصر الإسناد على الإسناد إلى الفاعل فتوجهت له المناقشة.
ويدل على أن الموجب للمصنف الاحتراز بقوله : فارغ ، ما قلته تقييد ابن عصفور تقديم المسند على المسند إليه بقوله : (لفظا ورتبة) (٤) ، فأخرج بقوله : (ورتبة) نحو : منطلق زيد ؛ لأن منطلقا وإن تقدم لفظا مؤخر رتبة ؛ فلو لم يصدق على منطلق في هذا التركيب أنه مسند إلى زيد لم يحتج إلى قوله : (ورتبة).
لكن هاهنا بحث : وهو أنه قد ينازع في الفعل نحو : (وَأَسَرُّوا)(٥) فيقال : إنه ليس مسندا إلى المبتدأ إنما المسند إليه الجملة بتمامها وهو متجه.
وقد يقال في جوابه : إذا كانت الجملة مسندة صدق أن الفعل الذي هو جزء الجملة مسند أيضا وفيه نظر وبعد ، فإن تم هذا البحث فيكون الاحتراز حينئذ إنما هو عن نحو : قائم زيد ، لكن كلام المصنف شامل للاسم والفعل ، وقد مثل بهما فدل تمثيله على أنهما مرادان ، وإذا تقرر هذا فاعلم أن المصنف لما ذكر أن الفاعل يكون غير اسم وأنشد :
١١٩٥ ـ يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي |
|
.... البيت (٦) |
أنشد قول الشاعر :
١١٩٦ ـ ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها |
|
أم بلت حيث تلاطم البحران (٧) |
__________________
(١) وهو «قائم» ؛ لأنه اسم فاعل. (٢) سورة الأنبياء : ٣.
(٣) وهو قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى).
(٤) ينظر : المقرب (١ / ٥٣).
(٥) سورة الأنبياء : ٣.
(٦) تقدم ذكره.
(٧) البيت من الكامل وهو للفرزدق ، وهو في : الأمالي الشجرية (١ / ٢٦٦) ، والتذييل (٢ / ١١١٧) ،