.................................................................................................
______________________________________________________
موقع الفاعل لا يسوغ بدليل أنه لا يوجد في كلامهم : يعجبني يقوم زيد ، ولا صح : أقام زيد أم لم يقم ، يريد : يعجبني قيام زيد ، وصح ما كان من قيام زيد أو عدمه ، وما استدلوا به مؤول. أما فاعل (بَدا) من قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ)(١) فقال أبو عثمان : هو مضمر في الفعل ، المعنى : ثم بدا لهم بداء ؛ فأضمر الفاعل لدلالة فعله عليه ، وجاز هذا وحسن وإن لم يحسن أن يقول : ظهر لي ظهور ، وعلن لي علن ؛ لأن البداء والبدء قد استعملا على غير معنى المصدر.
قالوا : بدا لهم بدء ، أي : ظهر لهم رأي (٢) ، ويدل على ذلك قول الشاعر :
١١٩٨ ـ لعلّك والموعود حقّ لقاؤه |
|
بدا لك في تلك القلوص بداء (٣) |
والجملة التي هي (لَيَسْجُنُنَّهُ)(٤) تحتمل ثلاثة أوجه :
١ ـ أن تكون في موضع مفعول لقول مضمر والتقدير : قالوا : ليسجننه ، قاله أبو عثمان وذهب إليه المبرد.
٢ ـ وأن تكون مفسرة لذلك الضمير المستتر في (بَدا) ولا موضع لها من الإعراب (٥).
٣ ـ أن تكون جوابا للجملة التي هي (بَدا لَهُمْ ؛) لأن (بَدا) من أفعال القلوب ، وأفعال القلوب تجريها العرب مجرى القسم فتلقاها بما [٢ / ٢٢٨] يتلقى به القسم (٦) ، ومثل هذه الآية الشريفة قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ
__________________
وأضمر كما قال تعالى جده : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) ولا يكون ليسجننه بدلا من الفاعل ؛ لأنه جملة والفاعل لا يكون جملة» اه.
وأعتقد أن ما جاء في هذا النص يبطل ما نسب سيبويه من أنه يجيز وقوع الجملة في موضع الفاعل إلا إذا كان فاعل فعل من أفعال القلوب. (١) سورة يوسف : ٣٥.
(٢) ينظر : إملاء ما منّ به الرحمن (٢ / ٥٣) ، والأمالي الشجرية (١ / ٣٠٥ ، ٣٠٦) ، والكشاف (١ / ٣٨٧ ، ٣٨٨).
(٣) البيت من الطويل وهو لمحمد بن بشير ، وهو في : الأغاني (١٤ / ١٥١) ، والخصائص (١ / ٣٤٠) ، والأمالي الشجرية (١ / ٣٠٦) ، والمغني (٢ / ٣٨٨) ، وشرح شواهده (٢ / ٨١٠) ، وشذور الذهب (ص ٢١٦) ، والخزانة (٤ / ٣٧) ، والتصريح (١ / ٢٨٦) ، والهمع (١ / ٢٤٧) ، والدرر (١ / ٢٠٤) ، وحاشية الخضري (١ / ١٥٩) ، وحاشية الصبان (٢ / ٤٣).
والشاهد قوله : «بدا لك بداء» ؛ حيث أسند الفعل إلى مصدر.
(٤) سورة يوسف : ٣٥.
(٥) ينظر : إملاء ما منّ به الرحمن (٢ / ٥٣) ، وحاشية الصبان (٢ / ٤٣) ، والتصريح (١ / ٢٦٨).
(٦) ينظر : شرح الجمل لابن عصفور (١ / ١٥٧) طبعة العراق ، والمغني (٣ / ٤٠٠ ، ٤٠١).