فلا حجّة فيه ؛ لأنه يحتمل أن يكون توكيدا للمضمر في جديد ، والمضمرات لا تكون إلا معارف ، وكان هذا أولى به ؛ لأنه أقرب إليه من «يوم» ، فعلى هذا يكون الإنشاد بالرفع ، وأما قول الآخر :
* قد صرّت البكرة يوما أجمعا* [٢٨٧]
فنقول : هذا البيت مجهول لا يعرف قائله ؛ فلا يجوز الاحتجاج به.
ثم لو قدرنا أن هذه الأبيات التي ذكروها كلها صحيحة عن العرب ، وأن الرواية (١) ما ادعوه لما كان فيها حجة ، وذلك لشذوذها وقلتها في بابها ؛ إذ لو طردنا القياس في كل ما جاء شاذا مخالفا للأصول والقياس وجعلناه أصلا لكان ذلك يؤدي إلى أن تختلط الأصول بغيرها ، وأن يجعل ما ليس بأصل أصلا ، وذلك يفسد الصناعة بأسرها ، وذلك لا يجوز. على أن هذه المواضع كلها محمولة على البدل ، لا على التأكيد.
وأما قولهم «إن اليوم مؤقت فيجوز أن يقعد بعضه والليلة مؤقتة فيجوز أن يقوم بعضها ، فإذا أكدت صح معنى التوكيد» قلنا : هذا لا يستقيم ؛ فإن اليوم وإن كان مؤقتا إلا أنه لم يخرج عن كونه نكرة شائعة ، وتأكيد الشائع المنكور بالمعرفة لا يجوز كالصفة ؛ ولأن تأكيد ما لا يعرف لا فائدة فيه على ما بيّنا ، والله أعلم.
__________________
(١) في ر «فإن الرواية» ولا يصح المعنى على الفاء.