والتقدير فيه : انتحى ، والواو زائدة ؛ لأنه جواب «لما» وقال الآخر :
[٢٨٩] حتّى إذا قملت بطونكم |
|
ورأيتم أبناءكم شبّوا |
______________________________________________________
بطن من الأرض غامض ، ويروى «بطن حقف» كما رواه المؤلف ، والحقف ـ بالكسر ـ ما اعوج وتثنّى من الرمل ، والقفاف : جمع قف ـ بالضم ـ وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا ، والعقنقل ـ بوزن سفرجل ـ المنعقد الداخل بعضه في بعض ، واعلم قبل كل شيء أن من الرواة من يروي البيت الذي بعد هذا البيت المستشهد به هكذا :
هصرت بفودي رأسها فتمايلت |
|
على هضيم الكشح ريّا المخلخل |
وهذه رواية الخطيب التبريزي ، وعلى ذلك يكون جواب «لما» الواقعة في أول البيت المستشهد به هو قوله «هصرت ـ الخ» عند الفريقين ، ولا يكون في البيت شاهد لما جاء به المؤلف من أجله ، ومن الرواة من يروي البيت الذي عقب البيت المستشهد به هكذا :
إذا قلت هاتي نوليني تمايلت |
|
على هضيم الكشح ريا المخلخل |
وهذه الرواية هي التي دار حولها جدال الكوفيين والبصريين ، وكلا الفريقين يسلم أنه لا بدّ للما التي في أول بيت الشاهد من جواب ؛ أما الكوفيون فيقولون : جواب لما في البيت نفسه وهو قوله «انتحى بنا بطن خبت» وكأنه قد قال : لما قطعنا ساحة الحي وفارقناها اعترض لنا بطن خبت ؛ والواو في قوله وانتحى بنا ـ الخ زائدة ، وأما البصريون فيقولون : الجواب محذوف ، وكأنه قد قال : لما قطعنا ساحة الحي وفارقناها أمنا من ترصد الوشاة ، أو نلنا ما كنا تمنيناه ، أو نحو ذلك.
قال الخطيب التبريزي : «وذكر بعضهم أن جواب لما قوله انتحى بنا ، والواو مقحمة ، ويجوز أن تكون الواو غير مقحمة ويكون الجواب محذوفا ، ويكون التقدير : فلما أجزنا ساحة الحي أمنا ، وعلى هذا يكون رواية البيت بعده : إذا قلت هاتي ... البيت» اه.
[٢٨٩] أنشد ابن منظور هذين البيتين (ق م ل) وأنشدهما ابن يعيش في شرح المفصل (ص ١١٤٩) ولم يعزهما واحد منهما ، وأنشدهما البغدادي في الخزانة (٤ / ٤١٤) نقلا عن الفراء في تفسير قوله تعالى : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) من سورة يوسف ، ومعنى «قملت بطونكم» شبعت وضخمت ، وفسره ابن منظور بقوله عن التهذيب «وقملت بطونكم : كثرت قبائلكم ، بهذا فسره لنا أبو العالية» اه ووقع عند ابن يعيش «حتى إذا شبعت بطونكم» ومحل الاستشهاد في البيت قوله «وقلبتم ظهر المجن لنا» فإن هذه الجملة جواب لما في البيت الأول عند الكوفيين ، وعلى هذا تكون الواو زائدة ، قال الفراء : «قوله تعالى : (جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) جواب (لَمَّا جَهَّزَهُمْ) وربما أدخلت في مثلها الواو وهي جواب على حالها ، كقوله في أول السورة (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) والمعنى ـ والله أعلم ـ أوحينا إليه ، وهي في قراءة عبد الله (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ) ومثله في الكلام : لما أتاني وأثب عليه ، كأنه قال : وثبت عليه ، وقد جاء في الشعر ذلك ، قال امرؤ القيس :
* فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى*
البيت.
وقال الآخر ، وأنشد البيتين ، أراد قلبتم» اه. وقال ابن يعيش : «وأما أصحابنا فلا يرون زيادة هذه الواو ، ويتأولون جميع ما ذكر وما كان مثله بأن أجوبتها محذوفة لمكان العلم