والتقدير : من قرع الكنائن القسيّ ، وقال الآخر :
[٢٦٨] فأصبحت بعد خطّ بهجتها |
|
كأنّ قفرا رسومها قلما |
والتقدير : بعد بهجتها ، ففصل بين المضاف الذي هو «بعد» والمضاف إليه الذي هو «بهجتها» بالفعل الذي هو «خطّ» وتقدير البيت : فأصبحت قفرا بعد بهجتها كأن قلما خطّ رسومها. وقد حكى الكسائي عن العرب : هذا غلام والله زيد ، وحكى أبو عبيدة قال : سمعت بعض العرب يقول : إن الشاة لتجترّ فتسمع صوت والله ربّها ، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله «والله» ، وإذا جاء هذا في الكلام ففي الشعر أولى ، وقد قرأ ابن عامر أحد القراء السبعة (وكذلك زُيّن لكثير من المشركين قتل أولادَهم شركائِهم» بنصب (أولادهم) وجر «شركائهم» ففصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله «أولادهم» والتقدير فيه : قتل شركائهم أولادهم ، ولهذا كان منصوبا في هذه القراءة ، وإذا جاء هذا في القرآن ففي الشعر أولى.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه لا يجوز ذلك لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة شيء واحد ؛ فلا يجوز أن يفصل بينهما ، وإنما جاز الفصل بينهما بالظرف وحرف الجرّ ، كما قال عمرو بن قميئة :
[٢٦٩] لمّا رأت ساتيدما استعبرت |
|
لله درّ اليوم من لامها |
______________________________________________________
[٢٦٨] أنشد ابن منظور هذا البيت (خ ط ط) ولم يعزه ، وهذا البيت مهلهل النسج مضطرب التركيب ، يصف الشاعر فيه الديار بالخلاء وارتحال الأنيس وذهاب المعالم ، وأصل نظام البيت هكذا : فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأن قلما خط رسومها ؛ ففصل بين أصبح وخبرها ، وبين المضاف والمضاف إليه ، وبين الفعل ومفعوله ، وبين كأن واسمها ، وقدم خبر كأن عليها وعلى اسمها ، فصار أحجية من الأحاجي ، واستشهاد المؤلف به في قوله «بعد خط بهجتها» حيث فصل بين المضاف الذي هو قوله «بعد» والمضاف إليه وهو قوله «بهجتها» بأجنبي وهو قوله «خط» وهو فعل ماض فاعله مستتر فيه يعود إلى القلم الذي في آخر البيت ، ومفعول خط هو قوله «رسومها» وأصل هذه العبارة : كأن قلما خط (هو) رسومها.
[٢٦٩] هذا البيت من كلام عمرو بن قميئة صاحب امرىء القيس في رحلته إلى بلاد الروم ، وهو الذي يقول فيه :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه |
|
وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا |
والبيت من شواهد سيبويه (١ / ٩١) والزمخشري في المفصل (رقم ٩٩) وابن يعيش في شرح المفصل (ص ٣٣٩) ورضي الدين في باب الإضافة من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٢ / ٢٤٧) وساتيدما : جبل عند ميافارقين ، واستعبرت : بكت من وحشة الغربة ولبعدها عن أهلها ، والعرب تقول «لله در فلان» إذا دعوا له أو تعجبوا من