.................................................................................................
______________________________________________________
تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)(١) ؛ لأنّ نفي الكون يقتضي نفي الأهلية فهو أبلغ في نفي السجود المستفاد من الاستثناء لو سكت عليه.
وقد أبطل مذهب الكسائيّ بالاستثناء المنقطع ، فإنّ المخرج فيه من الحكم ، لا من الاسم (٢) ، وإذا ثبت ذلك في المنقطع ثبت في المتّصل ؛ لأنّ معنى (إلّا) الاستثناء في الحالين ، وبقولنا : لا إله إلّا الله ، إذ لو كان ما بعد (إلّا) مسكوتا عنه لم يكن في اللّفظ إثبات للمقصود.
قال الشيخ : والذي يقطع ببطلان مذهبه أنّه لا يوجد في كلامهم : قام القوم إلّا زيدا ، فإنّه قام (٣). انتهى.
وفي كون هذا قاطعا بالبطلان نظر ؛ لأنّ مراد الكسائيّ أنّا لم نحكم عليه بالقيام لأنه أخرج بالاستثناء ، فالحكم مسند إلى القوم الذين ليس فيهم زيد ، ومع أنّا لم نحكم عليه بالقيام لم نحكم عليه بعدمه ، بل هو مسكوت عنه فالاستثناء عنده لم يفد إلّا عدم قصده بالحكم ، كأنه يقول : ليس مقصودا بالحكم ولا يلزم تلبّسه ، ومقتضى كلام الشّيخ أنّه مقصود بالحكم فأخرجه من القوم المحكوم عليهم بالقيام ، ثم حكمت عليه بذلك ، ويقال : حيث كان مقصودا بالحكم [٣ / ٢٨] لا يصحّ إخراجه بالاستثناء ، وإذا لم يصح إخراجه بطل تصور قولنا : قام القوم إلا زيدا فإنّه قام (٤). وذهب الفراء إلى أنّ المستثنى يخرج من الحكم لا من الاسم (٥) بدليل المنقطع كما تقدّم في الرد على الكسائي وأجيب بأنه داخل مع المحكوم عليه تقديرا ، فهو مخرج منه أيضا كما تقدم أول الباب ولم ينصر الكسائيّ أن يجيب عنه بهذا الجواب أيضا وذهب سيبويه والجمهور إلى أنّ الإخراج من كليهما ، أي : من الاسم ـ
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٣.
(٢) وفي التذييل والتكميل (٣ / ٢٩٣): «وذهب الفراء إلى أنه لم يخرج زيد من القوم وإنما أخرجت (إلا) وصف زيد من وصف القوم ؛ لأن القوم موجب لهم القيام ، وزيد منفي عنه القيام». اه. وفي معاني القرآن للفراء (٢ / ٢٨٧): «إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد (إلا) من معنى الأسماء قبل (إلا)». اه.
(٣) ينظر التذييل والتكميل (٣ / ٤٩٤) ، حيث يستدل أبو حيان على ضعف مذهب الكسائي ، ويبرهن على أن الاستثناء إنما يكون من الحكم ـ الفعل ـ والاسم ـ المستثنى منه ـ معا دون حاجة إلى ذكر الفعل بعد (إلا).
(٤) ينظر : الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٣٧٤) ، والتذييل والتكميل (٣ / ٤٩٥).
(٥) ينظر المساعد لابن عقيل (١ / ٥٤٩).