.................................................................................................
______________________________________________________
الكوفيين ، ومتفق على فعليته عند البصريين (١) ، وهو الصحيح ؛ للزوم اتّصال نون الوقاية به (٢) عاملا في ياء المتكلّم ، نحو : ما أفقرني إلى عفو الله (٣) ، ولا يكون كذلك إلا فعل ، ولا يرد على هذا «عليكني» ولا «رويدني» فإنّه قد يقال فيهما : عليك بي ، ورويد لي ، فيستغنى فيها عن نون الوقاية بالباء واللام ، بخلاف : «ما أفقرني» ونحوه ، فإنّ النون فيه لازمة ، غير مستغنى عنها بغيرها (٤) ، والمتعجب منه منصوب بـ «أفعل» على المفعوليّة ، إن وقع بعده ، نحو : ما أظهر الحقّ ، وما أدحض الباطل (٥) ، ومجرور بباء لازمة إن وقع بعد «أفعل» نحو : أكرم بزيد ، و «ما» الواقعة قبل «أفعل» اسم مبتدأ ، بلا خلاف ، لأنّ «أفعل» ثابت الفعلية (٦) ولا بدّ له من فاعل ، وليس ظاهرا ، فتعيّن كونه ضميرا ، ولا مذكور يرجع إليه غير «ما» فتعيّن كونها اسما ، وبعد ثبوت اسميّتها فهي إمّا بمعنى شيء (٧) ، وإما بمعنى الذي ، وإما استفهاميّة ، والقول الأول قول البصريين وهو الصحيح ، لأنّ قصد المتعجّب الإعلام بأنّ المتعجّب منه ذو مزية إدراكها جليّ ، وسبب الاختصاص خفيّ ، فاستحقت الجملة المعبّر بها عن ذلك أن تفتتح بنكرة غير مختصّة ، ليحصل ـ
__________________
(١) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٠١): (يعني أنّ «أفعل» في التعجب فعل عند البصريين والكسائي ، والهمزة فيه للنقل ، وهو اسم عند الكوفيين ، غير الكسائي ، ونقل بعض أصحابنا أنه اسم عند الكوفيين ، ولم يستثن منهم الكسائي ، فلعل له قولين) اه.
ينظر : الإنصاف (١ / ٨١) مسألة (١٥) ، ومنهج السالك (ص ٣٧٠) ، والمساعد لابن عقيل (٢ / ١٤٧) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٨٨ / ب).
(٢) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٠٢): (وما ذكروه من لزوم نون الوقاية لفعل التعجب هو على طريقة البصريين ، وأما الكوفيون فإنهم يجيزون : ما أظرفني أو ما أظرفي ؛ يجعلون نون الوقاية جائزة مع ياء المتكلم ، لا واجبة ، وحكوه سماعا عن العرب) ا ه وينظر : الإنصاف مسألة (١٥) (١ / ٨٢) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٨٨ / ب) ، وتوضيح المقاصد للمرادي أيضا (٣ / ٦٢).
(٣) هذا الكلام بنصه في شرح الكافية الشافية (٢ / ١٠٧٨).
(٤) ينظر : شرح المصنف ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٠١).
(٥) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٠٠): (ومذهب سيبويه والبصريين أنّ نصب الاسم في : «ما أظرف زيدا» هو على المفعول به) ا ه.
وينظر : الكتاب (١ / ٩٦) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٨٨ / ب) ، والمساعد لابن عقيل (٢ / ١٤٧).
(٦) أي عند البصريين. وهو الصحيح.
(٧) أي نكرة غير موصولة ، ولا موصوفة.