والأذان الثاني
______________________________________________________
واما عدم قدح مثل هذا التحريم في القصر ، والأول أظهر.
فلا يستبعد مع القول بالأول ، كون أمثالهم معذورين كما يقتضيه العقل والنقل من نفي الحرج والضيق ووصف الشريعة الشريفة بالسمحة السهلة ، وأنّ الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (١) وأن الله يحبّ من الأمر في الشرع ما هو الأسهل كما دلّ عليه بعض الاخبار.
وبالجملة آية القصر وأخباره عامة يعمل بها حتّى يثبت التخصيص ، ولا يثبت بظن بمثل هذا ، ولكنّه لا يغني من الجوع كما مرّ مرارا فتأمل.
قوله : (والأذان ـ إلخ) أي ويحرم الأذان الثاني يوم الجمعة.
قيل المراد الثاني زمانا ، لأنّ الأول وقع مشروعا ، لمشروعية الأذان في الوقت في أيّ موضع وقع سواء كان في المنارة أو بين يدي الخطيب أو غيرهما ، وليس المكان شرطا للصّحة : ويدل عليه قوله عليه السلام في الرواية المتقدمة الصحيحة «يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر» (٢) وفيه دلالة على كون الخطيب والإمام واحدا وكذا ظاهر الآية ، فإنّ النداء والسعي إليه بسماع الخطبة ، وهو الموجب لتحريم السفر ، فيكون الأول مشروعا :
وقيل الثاني حدوثا ، فإن الذي كان مشروعا وواقعا في زمانه صلى الله عليه وآله بين يدي الخطيب : وقد أحدث عثمان أو معاوية إذ انا على الزّوراء (٣) فيكون الحرام ذلك وان فعل أولا.
ولعلّ الثاني أقرب ، لأنّ سبب التحريم أو الكراهة ليس إلّا البدعة المنقولة ولا شك انه غير الذي بين يديه لنقل الإجماع في المنتهى كما سيجيء ولأنهم كانوا
__________________
(١) البقرة : ١٨٥ ـ اقتباس من الآية
(٢) الوسائل باب (٢٥) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، قطعة من حديث ـ ٣
(٣) والزوراء بالفتح والمد ، بغداد. وموضع بالمدينة يقف المؤذن على سطحه للنداء الثالث ، قبل خروج الامام ، ليسعوا إلى ذكر الله ، ولا تفوتهم الخطبة ، والنداء الأوّل بعده عند صعوده للخطبة ، والثاني الإقامة بعد نزوله من المنبر ، قاله في المجمع : قال : وهذا الأذان أمر به عثمان بن عفان (مجمع البحرين)