.................................................................................................
______________________________________________________
السيرة ، وهو مرتبة وراء العدالة ، تبعث على ترك المكروهات ، والتجنب عن الشبهات والرخص.
وقيل : ان التقوى : هو التجنب عن الشبهات لئلا يقع في المحرمات ، والورع : هو التجنب عن المباحات لئلا يقع في الشبهات.
والظاهر ان هذه الأمور معتبرة في الفرد الأقوى ، إذ الظاهر : ان العدل متق ، بل أقل منه أيضا : فإن الرغبة والرهبة ، والعمل بسببهما ، تركا وفعلا ، مكروها ومندوبا ، واجبا وحراما ، تقبل الشدة والضعف ، والكثرة والقلة ، ولها مراتب بعضها فوق بعض ، فالمتصف بالأكثر منها اتقى وأعلى مرتبة في التقرب ، فهو أكرم : لان من يترك كثيرا ، ـ من التي هي عمدة في التقرب ـ مثل تحصيل العلوم ، والعبادات الشاقة الكثيرة ، وقضاء حوائج المؤمنين ، مع انه يتجنب الشبهات ويتورع عن المباحات ـ يكون اتقى وأكرم على الله؟! ، بل الأمر بالعكس : لان الظاهر : ان الأكرمية باعتبار الاتصاف بالأوصاف المقربة ، فمن اتصف بالأكثر والأعلى ، فهو الأكرم عند الله.
ففي التعريفين المنقولين (١) تأمل ، فتأمل ، وتؤل ، فإنه غير بعيد ، والمقصود ظاهر.
فحينئذ ينبغي تقديم من فيه الوصف أظهر ، وظن التقرب الإلهي أكثر.
وانى أظن انه مقدم في جميع المراتب ، لان الظاهر ان الغرض من الاجتماع ، وتقديم من فيه زيادة وصف حسن ، هو زيادة التقرب الى الله. فكل من يكون اتصافه بالوصف المقرب أكثر ، يكون تقديمه اولى ، ولا شيء أقرب من التقوى اليه ، لقوله تعالى «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ» (٢) وهو ظاهر.
ولعل السكوت عنه لظهوره ، وتقديم الأقرء والأفقه وغيرهما لمظنة ذلك ، والله يعلم.
__________________
(١) المراد بالتعريفين ، أحدهما قوله (الأقوى التزاما إلخ) وثانيهما قوله (وقيل ان التقوى إلخ)
(٢) الحجرات : ١٣