والأسباط إخوة يوسف واحدهم سبط.
قلنا : ليس كما قلت ، فإنّ الأسباط في بني يعقوب كالقبائل في بني إسماعيل.
واحدهم : سبط. وهم اثنا عشر سبطا لاثني عشر ولدا ليعقوب عليهمالسلام ، وإنّما سمّوا هؤلاء أسباطا ، وهؤلاء قبائل ، ليفصل بين ولد إسماعيل وولد يعقوب تسمية ، هكذا نصّ عليه أهل اللغة (١).
فإن قال قائل : فما معنى دخولهم في العدد مع الأنبياء وليسوا بأنبياء؟.
والجواب : أنّ القرآن مقصود بالإيجاز الذي هو مخّ البلاغة ، وكانت النبوّة تترى في بني إسرائيل وكان أثلهم من أولاد يعقوب وهو إسرائيل.
فلمّا عدّد الله تعالى من كان قبل من الأنبياء على التّفصيل أوجز فقال : «والأسباط» يعني أنبياء الأسباط على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. ثم خصّص بعد ذلك عظماءهم بالذّكر فقال : (وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء : ٤ / ١٦٣] فبدأ بالتّفصيل وختم بالتّفصيل ، فتضمّن الطّرفان الواسطة. وصحّ التّشريف لمن خصّص بالذّكر في الآحاد.
وهذا التّخصيص ينظر لقوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٢ / ٩٨] وهما من الملائكة ، وقال تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [الرحمن : ٥٥ / ٦٨] وهما من الفاكهة.
وكذلك ذكر معظم الأصناف التي كانت النبوّة تترى فيهم ثمّ خصص عظماءهم بالذّكر تشريفا لهم صلوات الله عليهم أجمعين. ومصداق هذا التّفسير أنّ ذكر الأسباط إنّما وضع تسمية عوضا من القبائل كما تقدّم ؛ فلو كانوا كلّهم أنبياء كما زعم الجهلة لكان كلّ
__________________
(١) في اللسان (س ب ط) : السّبط من اليهود كالقبيلة من العرب ، وهم الذين يرجعون إلى أب واحد ، سمّي سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق.