الباب السّابع عشر
باب كان وأخواتها
[كان وأخواتها أفعال وأدلّة ذلك]
إن قال قائل : أيّ شيء كان وأخواتها من الكلم؟ قيل : أفعال ، وذهب بعض النّحويّين إلى أنّها حروف وليست أفعالا ، لأنّها لا تدلّ على المصدر ، ولو كانت أفعالا ؛ لكان ينبغي أن تدلّ على المصدر ، ولمّا كانت لا تدلّ على المصدر ، دلّ على أنّها حروف (١) ؛ والصّحيح أنّها أفعال ، وهو مذهب الأكثرين والدّليل على ذلك من ثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّها تلحقها تاء الضّمير وألفه وواوه ؛ نحو : كنت ، وكانا ، وكانوا (٢) ، كما تقول : قمت ، وقاما ، وقاموا ، وما أشبه ذلك.
والوجه الثّاني : أنّها تلحقها تاء التأنيث السّاكنة ؛ نحو : كانت المرأة ، كما تقول : قامت المرأة ، وهذه التّاء تختصّ بالأفعال.
والوجه الثّالث : أنّها تتصرّف ؛ نحو : كان يكون ، وصار يصير ، وأصبح يصبح ، وأمسى يمسي ، وكذلك سائرها ما عدا «ليس» وإنّما لم يدخلها التّصرّف ؛ لأنّها أشبهت «ما» وهي (٣) تنفي الحال (كما أنّ «ما» تنفي الحال) (٤) ؛ ولهذا تجري «ما» مجرى «ليس» في لغة أهل الحجاز ، فلمّا أشبهت «ما» وهي حرف لا يتصرّف ، وجب ألّا تتصرّف (٥). وأمّا قولهم : إنّها لا تدلّ على المصدر ، ولو كانت أفعالا ؛ لدلّت على المصدر ، قلنا : هذا إنّما يكون في الأفعال الحقيقيّة ، وهذه الأفعال غير حقيقيّة ؛ ولهذا المعنى تسمّى (٦) أفعال
__________________
(١) في (س) دلّ على أنّها ليست أفعالا.
(٢) في (س) تقول : كانت ، وكانا ، وكنتما.
(٣) في (س) لأنّها.
(٤) سقطت من (س).
(٥) في (ط) يتصرّف.
(٦) في (ط) يسمّى ، والصّواب ما أثبتناه من (س).