تقديم أخبارها عليها ؛ لأنّها مشبّهة بالمفعول ، والمفعول يجوز تقديمه على الفعل ، كما بيّنّا.
[علّة عدم تقديم خبر ما في أوّله «ما» عليه]
فإن قيل : فلم لم يجز تقديم خبر ما في أوّله «ما» عليه؟ قيل : لأنّ ما في أوّله «ما» ما عدا «ما دام» للّنفي ؛ / والنّفي / (١) له صدر الكلام كالاستفهام ، فكما أنّ الاستفهام لا يعمل ما بعده في ما قبله ؛ نحو : «أعمرا ضرب زيد» (٢) فكذلك النّفي لا يعمل ما بعده في ما قبله ؛ نحو : «قائما ما زال زيد».
[جواز تقديم خبر ما زال عليها عند بعضهم]
وقد ذهب بعض النّحويّين إلى أنّه يجوز تقديم خبر «ما زال» عليها ؛ وذلك لأنّ «ما» للنّفي ، و «زال» فيها معنى النّفي ، / والنّفي / (٣) إذا دخل على النّفي صار إيجابا ، / وإذا صار إيجابا / (٤) صار قولك : «ما زال زيد قائما» بمنزلة : «كان زيد قائما» وكما يجوز أن تقول : «قائما كان زيد» فكذلك يجوز أن تقول : «قائما ما زال زيد» وأجمعوا على أنّه لا يجوز تقديم خبر «ما دام» عليها ، وذلك ؛ لأنّ (٥) «ما» فيها مع الفعل بمنزلة المصدر ، ومعمول المصدر ، لا يتقدّم عليه.
[خلافهم في تقديم خبر ليس عليها وعلّة ذلك]
فإن قيل : فهل يجوز تقديم خبر «ليس» عليها؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب الكوفيّون إلى أنّه لا يجوز تقديم خبرها عليها / نفسها / (٦) وذهب أكثر البصريّين إلى جوازه ؛ لأنّه كما جاز تقديم خبرها على اسمها ، جاز تقديم خبرها عليها نفسها ، والاختيار عندي ما ذهب إليه الكوفيّون ؛ لأنّ «ليس» فعل لا يتصرّف ، والفعل إنّما يتصرّف عمله إذا كان متصرّفا في نفسه ، وإذا لم يكن متصرّفا في نفسه ، لم يتصرّف عمله ، وأمّا قولهم : إنّه كما جاز تقديم خبرها على اسمها ؛ جاز تقديم خبرها عليها ففاسد ؛ لأنّ تقديم خبرها على اسمها ، لا يخرجه عن كونه متأخّرا عنها ، وتقديم خبرها عليها ، يوجب كونه متقدّما عليها ، وليس من ضرورة أن يعمل الفعل في ما بعده ، يجب (٧) أن يعمل في ما قبله ؛
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (س) عمرا ؛ والصّواب ما في المتن.
(٣) سقطت من (ط).
(٤) سقطت من (ط).
(٥) في (س) أنّ.
(٦) زيادة من (س).
(٧) في (ط) ويجب ، والصّواب ما أثبتناه من (س).