تقدّم الخبر على الاسم ؛ نحو : «ما قائم زيد» لضعفها في العمل ؛ فألزمت طريقة واحدة ، وأمّا قول الشّاعر (١) : [البسيط]
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
فمن النّحويّين من قال : هو منصوب على الحال ؛ لأنّ التّقدير فيه : وإذ ما بشر مثلهم ، فلمّا قدّم مثلهم الذي هو صفة النّكرة ، انتصب على الحال ؛ لأنّ صفة النّكرة إذا تقدّمت ، انتصبت على الحال ؛ كقول الشّاعر (٢) : [مجزوء الوافر]
لميّة موحشا طلل |
|
يلوح كأنّه خلل (٣) |
/ و/ (٤) التّقدير فيه : طلل موحش ؛ وكقول الآخر (٥) : [البسيط]
والصّالحات عليها مغلقا باب
والتّقدير فيه : باب مغلق ؛ إلّا أنّه لمّا قدّم الصّفة على النّكرة (٦) ، نصبها على الحال ؛ ومنهم من قال : هو منصوب على الظّرف ؛ لأنّ قوله : ما مثلهم بشر ، في معنى : «فوقهم» ؛ ومنهم من حمله على الغلط ؛ لأنّ (٧) هذا البيت للفرزدق ، وكان تميميّا ، وليس من / لغته / (٨) إعمال «ما» سواء تقدّم الخبر ، أو تأخّر ، فلمّا استعمل لغة غيره غلط ، فظنّ أنّها تعمل مع تقدّم الخبر ، كما تعمل مع تأخّره ، فلم يكن في ذلك حجّة ؛ ومنهم من قال : إنّها لغة لبعض العرب ، وهي لغة قليلة ، لا يعتدّ بها ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) الشّاعر : الفرزدق ، وقد سبقت ترجمته.
وقد أوضح المؤلّف في المتن مراده من ذكر الشّاهد بما يغني عن الإعادة.
(٢) الشّاعر هو : كثيّر بن عبد الرّحمن ، المعروف بكثيّر عزّة ، وقد سبقت ترجمته.
(٣) المفردات الغريبة : الطّلل : ما بقي شاخصا من آثار الدّيار. الخلل : جمع خلّة ، وهي بطانة تغشى بها أجفان السّيوف.
موطن الشّاهد : (موحشا طلل).
وجه الاستشهاد : تقدّمت الصّفة على الموصوف النّكرة ؛ فانتصبت على الحال وفق القاعدة.
(٤) زيادة من (س).
(٥) لم ينسب إلى قائل معيّن.
موطن الشّاهد : (مغلقا باب).
وجه الاستشهاد : تقدّمت الصّفة على الموصوف النّكرة «باب» فانتصبت على الحال ، كما في الشّاهد السّابق.
(٦) في (س) صفة النّكرة نصبها ؛ وكلاهما صحيح.
(٧) في (س) فإنّ.
(٨) في (ط) لفظه ؛ والأفضل ما أثبتنا من (س).