الباب الثّالث والعشرون
باب المصدر
[علّة انتصاب المصدر]
إن قال قائل : لم كان المصدر منصوبا؟ قيل : لوقوع الفعل عليه ؛ وهو المفعول المطلق.
[اشتقاق الفعل من المصدر أو العكس وخلافهم في ذلك]
فإن قيل : هل الفعل مشتقّ من المصدر ، أو المصدر مشتقّ من الفعل؟
قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب البصريّون إلى أنّ الفعل مشتقّ من المصدر ، واستدلّوا على ذلك من سبعة أوجه :
[أدلّة البصريّين في كون الفعل مشتقّ من المصدر]
الوجه الأوّل : أنّه يسمّى مصدرا ؛ والمصدر هو الموضع الذي تصدر عنه الإبل ؛ فلمّا سمّي مصدرا ؛ دلّ على أنّه قد صدر عنه الفعل.
والوجه الثّاني : أنّ المصدر يدلّ على زمان مطلق ؛ والفعل يدلّ على زمان معيّن ، فكما (١) أنّ المطلق أصل للمقيّد ، فكذلك المصدر أصل للفعل.
والوجه الثّالث : أنّ الفعل يدلّ على شيئين ؛ والمصدر يدلّ على شيء واحد ، قبل الاثنين ؛ فكذلك يجب أن يكون المصدر قبل الفعل.
والوجه الرّابع : أنّ المصدر اسم ، وهو يستغني عن الفعل ، والفعل لا بدّ له من الاسم ، وما يكون مفتقرا إلى غيره ، ولا يقوم بنفسه ، أولى بأن يكون فرعا ، ممّا لا يكون مفتقرا إلى غيره.
والوجه الخامس : أنّ المصدر لو كان مشتقّا من الفعل ؛ لوجب أن يدلّ على ما في الفعل من الحدث والزّمان ومعنى ثالث ، كما دلّت أسماء الفاعلين
__________________
(١) في (س) وكما.