يقال : إنّ «زيدا» في قولك : «ضربت زيدا» منصوب ؛ لكونه مفعولا لا بالفعل ، وذلك محال ؛ لأنّ كونه مفعولا .. (١) يوجب أن يكون : «ضربت» هو العامل فيه النّصب ، فكذلك ههنا. وأمّا قول الزّجّاج (٢) : إنّه (٣) ينتصب بتقدير عامل ؛ لأنّ الفعل لا يعمل في المفعول وبينهما الواو ، فليس بصحيح أيضا ؛ لأنّ الفعل يعمل في المفعول على الوجه الذي يتّصل به المفعول ، فإن كان الفعل لا يفتقر إلى تقوية تعدّى إلى المفعول بنفسه ، وإن كان يفتقر إلى تقوية بحرف الجرّ ، أو غيره ، عمل بتوسّطه ، ألا ترى أنّك تقول : «أكرمت زيدا وعمرا» فتنصب «عمرا» ب «أكرمت» كما تنصب «زيدا» به ، فلم تمنع (٤) الواو من وقوع «أكرمت» على ما بعدها ، فكذلك ههنا.
[علّة حذف مع وإقامة الواو مقامها]
فإن قيل : لم حذفت «مع» وأقيمت «الواو» مقامها. قيل : حذفت «مع» وأقيمت «الواو» مقامها ، توسّعا في كلامهم ، / و/ (٥) طلبا للتّخفيف والاختصار.
[علّة كون الواو أولى من غيرها من الحروف في النّيابة]
فإن قيل : فلم كانت «الواو» أولى من غيرها / من الحروف / (٦)؟ قيل : إنّما كانت / الواو / (٧) أولى من غيرها ؛ لأنّ «الواو» في معنى «مع» ولأنّ معنى «مع» المصاحبة ، ومعنى «الواو» الجمع ، فلمّا كانت في معنى «مع» كانت أولى من غيرها.
[علّة عدم تقدّم المنصوب على النّاصب في المفعول معه]
فإن قيل : فهل يجوز تقديم المنصوب ـ ههنا ـ على النّاصب؟ قيل : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ حكم «الواو» ألّا تتقدّم على ما قبلها ، وهذا الباب من النّحويّين / من / (٨) يجري فيه القياس ، ومنهم من يقصره على السّماع ، والأكثرون على القول الأوّل ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في (ط) زيادة «لا» بعد مفعولا ، ولا يستقيم الكلام بزيادتها.
(٢) الزّجّاج : أبو إسحاق ، إبراهيم بن السّري ، نحويّ بغداديّ ، أخذ أوّل الأمر عن ثعلب ، ثمّ لزم المبرّد. مات سنة ٣١١ ه. بغية الوعاة ١ / ٤١١ ، ومعجم المؤلّفين ١ / ٣٣.
(٣) في (ط) فإنّه ؛ وما أثبتناه من (س).
(٤) في (ط) تمتنع.
(٥) سقطت من (س).
(٦) سقطت من (س).
(٧) سقطت من (س).
(٨) سقطت من (س).