فنصب «فردين» على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في «تلقني» ؛ وهذا كثير في كلامهم.
[عامل النّصب في الحال]
فإن قيل : فما العامل في الحال النّصب؟ قيل : ما قبلها من العامل ، وهو (١) على ضربين ؛ فعل ، ومعنى فعل ؛ فإن كان فعلا ؛ نحو : «جاء زيد راكبا» ؛ جاز أن يتقدّم الحال / عليه / (٢) نحو : «راكبا جاء زيد» ؛ لأنّ العامل / فيه / (٣) لمّا كان متصرّفا ، تصرّف عمله ، فجاز تقديم معموله عليه ؛ وإن كان العامل فيه معنى فعل نحو : «هذا زيد قائما» لم يجز تقديم الحال عليه ، فلو قلت : «قائما هذا زيد» لم يجز ؛ لأنّ معنى الفعل لا يتصرّف تصرّفه ؛ فلم يجز تقديم معموله عليه. وذهب الفرّاء إلى أنّه لا يجوز تقديم الحال على العامل / في الحال / (٤) ؛ سواء كان العامل فيه فعلا ، أو معنى فعل ، وذلك ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن يتقدّم المضمر على المظهر ، فإنّه إذا قال : «راكبا جاء زيد» ففي «راكب» ضمير «زيد» ، وقد تقدّم عليه ، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز ؛ وهذا ليس بشيء ؛ لأنّ «راكبا» وإن كان مقدّما في اللّفظ ، إلّا أنّه مؤخّر في المعنى في (٥) التّقدير ، وإذا كان مؤخّرا في التّقدير ؛ جاز في التّقديم ، قال الله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٦) فالهاء في «نفسه» عائدة إلى «موسى» إلّا أنّه لمّا كان في تقدير التّقديم ، والهاء : في تقدير التّأخير ؛ جاز التّقديم ، وهذا كثير في كلامهم ؛ فكذلك ههنا.
[علّة عمل الفعل اللّازم في الحال]
فإن قيل : فلم عمل الفعل اللّازم في الحال؟ قيل : لأنّ الفاعل لمّا كان لا يفعل الفعل إلّا في حالة ، كان في الفعل دلالة على الحال ، فتعدّى إليها ، كما تعدّى إلى ظرف الزّمان لمّا كان في الفعل دلالة عليه.
__________________
موطن الشّاهد : (فردين) وجه الاستشهاد : انتصاب «فردين» على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في «تلقني» كما جاء في المتن ، وفي البيت شاهدان آخران هما : زيادة «ما» بعد «متى» الشّرطيّة.
و «تستطارا» وهو من استطاره ، بمعنى طيّره.
(١) في (س) وهي.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) سقطت من (ط).
(٤) سقطت من (ط).
(٥) في (ط) والتّقدير.
(٦) س : ٢٠ (طه ، ن : ٦٧ ، مك).