الباب الأربعون باب
مذ ومنذ
[الأغلب على «مذ» الاسميّة وعلى «منذ» الحرفيّة]
إن قال قائل : لم قلتم : إنّ الأغلب على «مذ» الاسميّة ، وعلى «منذ» الحرفيّة ، وكلّ واحد منهما يكون اسما ، و/ يكون / (١) حرفا جارّا؟ قيل : إنّما قلنا : إنّ الأغلب على «مذ» الاسميّة ، (وعلى «منذ» الحرفيّة) (٢) ؛ لأنّ «مذ» دخلها الحذف ، والأصل فيها «منذ» فحذفت النّون منها ، والحذف إنّما يكون في الأسماء ؛ والدّليل على أنّ الأصل في مذ : «منذ» أنّك لو صغّرتها ، أو كسّرتها ؛ لرددت النّون إليها ؛ فقلت في تصغيرها : «منيذ» وفي تكسيرها : «أمناذ» ؛ لأنّ التّصغير والتّكسير يردّان الأشياء إلى أصولها ؛ فدلّ على أنّ الأصل في مذ : منذ.
[علّة ارتفاع الاسم بعد مذ ومنذ]
فإن قيل : فلم (إذا كانا اسمين) (٣) ، كان الاسم بعدهما مرفوعا ؛ نحو : «ما رأيته مذ يومان ومنذ ليلتان» قيل : إنّما كان الاسم بعدهما مرفوعا إذا كانا اسمين ؛ لأنّه خبر المبتدأ ؛ لأنّ «مذ ، ومنذ» هما المبتدأ (٤) ، وما بعدهما هو الخبر ؛ والتّقدير في قولك : ما رأيته مذ يومان ومنذ ليلتان : أمد ذلك يومان ، وأمد ذلك ليلتان.
[علّة بناء مذ ومنذ]
فإن قيل : فلم (٥) بنيت «مذ ، ومنذ»؟ قيل : لأنّهما إذا كانا حرفين بنيا ؛ لأنّ الحروف كلّها مبنيّة ، وإذا كانا اسمين بنيا ؛ لتضمّنهما معنى الحرف ؛ لأنّك
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) سقطت من (س).
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (ط) للمبتدأ.
(٥) في (س) لم.