والوجه الثّالث : أنّه جمع ، ولا يمكن أن يكسّر مرّة ثانية ، فأشبه الفعل ؛ لأنّ الفعل لا يدخله التّكسير (١).
والوجه الرّابع : أنّه جمع لا نظير له في الأسماء العربيّة ، فجرى مجرى الاسم الأعجميّ ؛ لأنّ الأعجميّ يكون على غير وزن العربيّ ؛ والوجهان الآخران يرجعان إلى الأوّلين. وأمّا ما كان معدولا عن العدد ؛ نحو : «مثنى ، وثلاث» فإنّما منع الصّرف في النّكرة ، وذلك للعدل ، والوصف ؛ وقيل : لأنّه عدل عن اللّفظ والمعنى ؛ فأمّا عدله في اللّفظ فظاهر ، وأمّا عدله في المعنى ؛ فلأنّ العدد يراد به قبل العدد الدّلالة على قدر المعدود ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «جاءني اثنان أو ثلاثة» أردت قدر ما جاءك ، وإذا قلت : «جاءني مثنى وثلاث» ، لم يجز حتّى يتقدّم قبله جمع لتدلّ (٢) بذكر المعدود على التّرتيب ، فتقول «جاءني القوم مثنى مثنى ، وثلاث ثلاث» ؛ أي : «اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة»؟ فدلّ على أنّه معدول من جهة اللّفظ والمعنى ؛ فلذلك ، لم ينصرف في النّكرة.
[علّة جر ما لا ينصرف في التّعريف والإضافة]
فإن قيل : فلم دخل / ... / (٣) ما لا ينصرف الجرّ مع الألف واللّام ، أو الإضافة؟ قيل : لثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّه (٤) أمن فيه التّنوين ؛ لأنّ الألف واللّام والإضافة لا تكون مع التّنوين ؛ فلمّا وجدت أمن فيه التّنوين (٥) ؛ فدخله الجرّ في موضع الجرّ.
والوجه الثّاني : أنّ الألف واللّام والإضافة قامت مقام التّنوين ، ولو كان التّنوين فيه ؛ لجاز فيه الجرّ ، فكذلك / مع / (٦) ما قام مقامه.
والوجه الثّالث : أنّه بالألف واللّام والإضافة بعد عن شبه الفعل ، فلمّا بعد عن شبه الفعل ، دخله الجرّ في موضع الجرّ ؛ لأنّه قد صار بمنزلة ما فيه علّة واحدة ؛ فلهذا المعنى ، دخله الجرّ مع الألف واللّام والإضافة ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في (ط) التّنكير ، والصّواب ما أثبتناه من (س).
(٢) في (س) ليدلّ.
(٣) في (ط) زيادة جمع ولا مبرّر لها ، فلم نثبتها في المتن.
(٤) في (س) لأنّه.
(٥) في (ط) فلمّا لا وجدت مع التّنوين أمن فيه التّنوين ؛ والأفضل ما أثبتناه من (س).
(٦) سقطت من (س).