الباب التّاسع والأربعون
باب إعراب الأفعال وبنائها
[علّة كون الأفعال ثلاثة]
إن قال قائل : لم كانت الأفعال ثلاثة : «ماض ، وحاضر ومستقبل»؟ قيل : لأنّ الأزمنة ثلاثة ، ولمّا كانت ثلاثة ، وجب أن تكون (١) الأفعال ثلاثة : ماض ، وحاضر ، ومستقبل.
[علّة بناء الفعل الماضي على الفتح]
فإن قيل : فلم بني الفعل الماضي على حركة ، ولم كانت الحركة فتحة؟ قيل : إنّما بني الفعل أوّلا ؛ لأنّ الأصل في الأفعال البناء ، وبني على حركة ، تفضيلا له على فعل الأمر ؛ لأنّ الفعل الماضي أشبه الأسماء في الصّيغة (٢) ؛ نحو قولك : مررت برجل ضرب ، كما تقول : مررت برجل ضارب ؛ وأشبه (٣) ـ أيضا ـ ما أشبه الأسماء في الشّرط والجزاء ؛ فإنّك تقول : إن فعلت فعلت ؛ والمعنى فيه : إن تفعل أفعل ؛ فلمّا قام الماضي مقام المستقبل ؛ والمستقبل قد أشبه الأسماء ؛ وجب أن يبنى على حركة ، تفضيلا له على فعل الأمر الذي ما أشبه الأسماء ، ولا أشبه ما أشبهها. وإنّما كانت الحركة فتحة لوجهين :
أحدهما : أنّ الفتحة أخفّ الحركات ، فلمّا وجب بناؤه على حركة ؛ وجب أن يبنى على أخفّ الحركات.
والوجه الثّاني : أنّه لا يخلو إمّا أن يبنى على الكسر ، أو على الضّمّ ، أو على الفتح ؛ فبطل (٤) أن يبنى على الكسر ؛ لأنّ الكسر ثقيل ، والفعل ثقيل ، والثّقيل لا ينبغي أن يبنى على ثقيل ، وإذا كان الجرّ لا يدخله ، وهو غير لازم لثقله ، فألّا يدخله الكسر الذي هو لازم ، كان ذلك من طريق الأولى ؛ وإذا بطل
__________________
(١) في (ط) يكون.
(٢) في (س) الصّفة.
(٣) في (ط) فأشبه ، وما أثبتناه من (س).
(٤) في (س) بطل.