يقاس عليه ؛ وقد بيّنّا هذه المسألة مستقصاة في المسائل الخلافيّة.
[علّة إعراب الفعل المضارع]
فإن قيل : فلم أعرب الفعل المضارع؟ قيل : لأنّه أشبه الأسماء من الخمسة الأوجه التي ذكرناها قبل في صدر الكتاب ؛ وإعرابه : الرّفع ، والنّصب ، والجزم ؛ فأمّا الرّفع ، فلقيامه مقام الاسم ، وقد ذكر (١) ـ أيضا ـ في صدر الكتاب ، وأمّا النّصب والجزم فسنذكرهما ـ أيضا ـ فيما بعد هذا الباب ، إن شاء الله تعالى.
[علّة إثبات حروف العلّة في الرّفع وحذفها في الجزم]
فإن قيل : فلم قالوا «هو يغزو ، ويرمي ، ويخشى» فأثبتوا الواو والياء والألف ساكنة في حالة الرّفع ، وحذفوها في حالة الجزم ، وفتحوا الواو والياء في حالة النّصب ، فسوّوا (٢) في «يخشى» بين النّصب والرّفع ؛ قيل : إنّما أثبتوها ساكنة في الرّفع ؛ لأنّ الأصل أن يقال : «هو يغزو ، ويرمي ، ويخشى» بضمّ الواو في «يغزو» والياء في «يرمي ، ويخشى» إلّا أنّهم استثقلوا الضّمّة على الواو من «يغزو» وعلى الياء من «يرمي» فحذفوها ؛ فبقيت (٣) الواو من «يغزو» ساكنة ، وكذلك الياء من «يرمي» وأمّا الياء من «يخشى» فانقلبت ألفا ؛ لتحرّكها ، وانفتاح ما قبلها ، وإنّما حذفوا هذه الحروف في الجزم ؛ لأنّها أشبهت الحركات ، ووجه الشّبه من وجهين :
أحدهما : أنّ هذه الحروف مركّبة من الحركات على قول بعض النّحويّين ، والحركات مأخوذة منها على قول آخرين ، وعلى كلا القولين ، فقد حصلت المشابهة بينهما.
والوجه الثّاني : أنّ هذه الحروف / ـ ههنا ـ / (٤) لا تقوم بها الحركات ، كما أنّ الحركات كذلك ، وكما أنّها تحذف للجزم ، فكذلك هذه الحروف ، وقد حكي عن أبي بكر ابن السرّاج أنّه شبّه الجازم بالدّواء ، والحركة في الفعل بالفضلة التي يخرجها الدّواء ، وكما أنّ الدّواء إذا (٥) صادف فضلة حذفها ، وإن لم يصادف / فضلة / (٦) أخذ من نفس الجسم ، فكذلك الجازم إذا دخل على الفعل ؛ إن وجد حركة أخذها ، وإلّا أخذ من نفس الفعل. وسهل حذفها ، وإن
__________________
(١) في (س) ذكرناه.
(٢) في (س) وسوّوا.
(٣) في (س) فثبتت.
(٤) سقطت من (ط).
(٥) في (س) إن.
(٦) سقطت من (س).