أن يعتذر عن الخليل بأن يقال : إنّ الحروف (١) إذا ركّبت تغيّر حكمها بعد التّركيب ، عمّا كانت عليه قبل التّركيب ، ألا ترى أنّ «هل» لا يجوز أن يعمل ما بعدها في ما قبلها ، وإذا ركّبت مع «لا» ودخلها معنى التّخصيص ؛ جاز أن يعمل ما بعدها في ما قبلها ، فيقال : «زيدا هلّا ضربت» فكذلك ههنا؟ ويمكن أن يقال على هذا ـ أيضا ـ أنّ «هلّا» ذهب منها معنى الاستفهام ؛ فجاز أن يتغيّر حكمها ، وأمّا «لن» فمعنى النّفي باق فيها ، فينبغي ألّا يتغيّر حكمها. وأمّا «إذن» فتستعمل على ثلاثة أضرب :
الأوّل : أن تكون عاملة ، وهو أن يدخل على الفعل المضارع ، فيراد به الاستقبال ، ويكون جوابا ؛ نحو أن يقول القائل : «أنا أزورك» فتقول : «إذن أكرمك» ، فيجب إعمالها لا غير.
والثّاني : أن يدخل عليها الواو والفاء للعطف ، فيجوز إعمالها وإهمالها ؛ نحو (٢) قولك : «إن تكرمني ، أنا أكرمك وإذن أحسن إليك» فيجوز إعمالها ، فتنصب الفعل بعدها ، كما لو ابتدأت بها ، فترجع إلى القسم الأوّل ، ويجوز إهمالها ؛ فترفع الفعل بعدها ؛ لأنّه (٣) مع الضّمير المستكنّ فيه خبر مبتدأ محذوف ؛ والتّقدير فيه : «وأنا إذن أحسن إليك» (٤) ، فرجع إلى القسم الثّالث.
والثّالث : أن تدخل بين كلامين ؛ أحدهما متعلّق (٥) بالآخر ؛ نحو : أن تدخل بين الشّرط وجوابه ؛ نحو «إن تكرمني إذن أكرمك» وبين المبتدأ وخبره ؛ نحو : «زيد إذن يقوم» وما أشبه ذلك ، فلا يجوز إعمالها بحال ، وكذلك (٦) إذا دخلت على فعل الحال ؛ نحو قولك : «إذن أظنّك كاذبا» إذا أردت أنّك في حال ظنّ ؛ وذلك لأنّ «إذن» إنّما عملت ؛ لأنّها أشبهت «أن» و «أن» لا تدخل على فعل الحال ، ولا يكون بعدها إلّا المستقبل ، فإذا (٧) زال الشّبه ، بطل العمل.
وأمّا «كي» فتستعمل على ضربين ؛ أحدهما : (أن تعمل بنفسها ، فتكون مع الفعل بمنزلة الاسم الواحد ؛ نحو : «جئتك لكي تعطيني حقّي».
والثّاني) (٨) : أن تعمل بتقدير «أن» لأنّهم يجعلونها بمنزلة حرف جرّ ،
__________________
(١) في (ط) الحرف. (٢) في (س) وذلك نحو.
(٣) في (ط) لأنّها ، والصّواب ما أثبتناه من (س).
(٤) في (ط) وأنا إذن أكرمك ، وأحسن إليك.
(٥) في (س) يتعلّق.
(٦) في (س) فكذلك.
(٧) في (س) وإذا.
(٨) سقطت من (س).