الباب الحادي والخمسون
باب حروف الجزم
[علّة إعمال الأدوات الجازمة الجزم في الأفعال]
إن قال قائل : لم وجب أن تعمل «لم ، ولمّا ، ولام الأمر ، ولا في النّهي» في الفعل المضارع الجزم؟ قيل : إنّما وجب أن تعمل / الجزم / (١) لاختصاصها بالفعل ؛ وذلك لأنّ «لم» لمّا (٢) كانت تدخل على الفعل المضارع ، فتنقله إلى معنى الماضي ، كما أنّ «إن» التي للشّرط والجزاء تدخل على الفعل الماضي ، فتنقله إلى معنى المستقبل ، فقد أشبهت حرف الشّرط ، وحرف الشّرط يعمل الجزم ، فكذلك (٣) ما أشبهه ؛ وإنّما وجب لحرف الشّرط أن يعمل الجزم ؛ لأنّه يقتضي جملتين ، فلطول ما يقتضيه حرف الشّرط اختير له الجزم ؛ لأنّه حذف وتخفيف ، فبمنزلته «لم» في النّقل ، وكان محمولا عليه. وأمّا «لام الأمر» فإنّما وجب أن تعمل الجزم ؛ لاشتراك الأمر باللّام ، وبغير اللّام في المعنى ، فيجب أن تعمل لام (٤) الجزم ؛ ليكون الأمر باللّام ؛ مثل الأمر بغير اللّام في اللّفظ ، وإن كان أحدهما / كان / (٥) جزما ، والآخر وقفا. فأمّا (٦) «لا» في النّهي ، فإنّما وجب أن تجزم حملا على الأمر ؛ لأنّ الأمر ضد النّهي ، وهم يحملون الشّيء على ضدّه كما يحملونه على نظيره ، ولمّا كان الأمر مبنيّا على الوقف ، وقد حمل النّهي عليه ، جعل النّهي نظيرا له في اللّفظ ، وإن كان أحدهما جزما ، والآخر وقفا على ما بيّنّا ؛ فلهذا ، وجب أن تعمل الجزم.
فإن قيل : فإذا (٧) كان الأصل في «لم» أن تدخل على الماضي ، فلم نقل
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (ط) ولمّا ، والصّواب ما أثبتنا من (س).
(٣) في (ط) وكذلك.
(٤) في (س) اللّام.
(٥) سقطت من (س).
(٦) في (س) وأمّا.
(٧) في (س) إذا.