الباب الثّاني والخمسون
باب الشّرط والجزاء
[علّة إعمال «إن» الجزم في المضارع]
إن قال قائل : لم عملت «إن» الجزم في الفعل المضارع؟ قيل : إنّما عملت لاختصاصها ، وعملت الجزم لما بيّنّا / من / (١) أنّها تقتضي جملتين : الشّرط والجزاء ، فلطول ما تقتضيه اختير لها الجزم ؛ لأنّه حذف وتخفيف. فأمّا ما عدا «إن» من الألفاظ التي يجازى بها ؛ نحو : «من ، وما ، وأيّ ، ومهما ، ومتى ، وأين / وأيّان / (٢) ، وأنّى ، وأيّ حين ، وحيثما ، وإذ ما» فإنّما عملت ؛ لأنّها قامت مقام («إن» فعملت عملها ، وكلّها مبنيّة لقيامها مقامها) (٣) ما عدا «أيّا» (٤) وسنذكر معانيها ، ولم أقيمت مقام الحرف ، مستوفى في باب الاستفهام.
[العامل في جواب الشّرط وخلافهم في ذلك]
فإن قيل : فما العامل في جواب الشّرط؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب بعض النّحاة (٥) إلى أنّ العامل فيه حرف الشّرط ، كما يعمل في فعل الشّرط ؛ وذهب بعضهم إلى أنّ حرف الشّرط ، وفعل الشّرط يعملان فيه ؛ وذهب آخرون إلى أنّ حرف الشّرط يعمل في فعل الشّرط ، وفعل الشّرط يعمل في جواب الشّرط ؛ وذهب أبو عثمان المازنيّ ، إلى أنّه مبنيّ على الوقف. فمن قال : إنّ حرف الشّرط يعمل فيهما جميعا ؛ قال : لأنّ حرف الشّرط يقتضي جواب الشّرط ، كما يقتضي فعل الشّرط ؛ ولهذا المعنى ، يسمّى حرف الجزاء ، فكما عمل في فعل الشّرط ، فكذلك يجب أن يعمل في جواب الشّرط. وأمّا من قال : إنّهما جميعا يعملان فيه ؛ فلأنّ فعل الشّرط يقتضي الجواب ، كما أنّ حرف الشّرط يقتضي الجواب ، فلمّا اقتضياه (٦) معا ؛ عملا فيه معا. وأمّا من
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) سقطت من (س).
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (ط) أيّان ، والصّواب ما أثبتناه من (س).
(٥) في (س) النّحويّين.
(٦) في (س) اقتضياه.