والثّالث : أنّها إنّما حذفت لأنّ ياءي (١) النّسب قد تنزّلا منزلة تاء التّأنيث في الفرق بين الواحد والجمع ؛ (ألا ترى أنّهم قالوا : روميّ وروم ، وزنجيّ وزنج ، ففرّقوا بين الواحد والجمع) (٢) بياء النّسب ، كما فرّقوا بتاء التّأنيث بين الواحد والجمع في قولهم : نخلة ونخل ، وتمرة وتمر ، فلمّا وجدت المشابهة بينهما من هذا الوجه ؛ لم يجمعوا بينهما كما لم يجمعوا بين علامتي تأنيث.
والرّابع : أنّها إنّما حذفت ؛ لأنّ هذه التّاء حكمها أن تنقلب في الوقف هاء ، فلمّا كانت تتغيّر ، ولا يمكن أن تجري على حكمها في أن تكون تارة تاء ، وتارة هاء ؛ كان حذفها أسهل عليهم.
والخامس : أنّ تاء التّأنيث بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم ، ولو نسبت إلى اسم ضمّ إلى اسم ، لحذفت الاسم الثّاني ؛ فكذلك ـ ههنا ـ تحذف تاء التّأنيث.
[علّة حذف الياء من فعيلة وفعيلة في النّسب]
فإن قيل : فلم حذفت الياء من / باب / (٣) «فعيلة ، وفعيلة» ؛ نحو قولهم في النّسب إلى جهينة : جهنيّ ، وإلى ربيعة : ربعيّ دون باب : فعيل ، وفعيل ؛ نحو قولك في النّسب إلى : ثقيف ثقيفي (٤) وفي النّسب إلى هذيل : هذيليّ»؟ قيل : إنّما وجب حذف الياء في باب فعيلة ، وفعيلة دون باب فعيل ، وفعيل ؛ لأنّ باب «فعيلة ، وفعيلة» اجتمع فيه سببان موجبان للحذف ؛ وهما : طلب التّخفيف ، وتأنيس التّغيير بحذف (٥) تاء التّأنيث ، وباب «فعيل ، وفعيل» ليس فيه إلّا سبب واحد وهو طلب التّخفيف ، فلمّا كان في باب «فعيلة ، وفعيلة» سببان ؛ لزمه الحذف ، ولمّا كان في باب «فعيل ، وفعيل» سبب / واحد / (٦) لم يلزم الحذف.
[قلب الكسرة فتحة في النّسب في بعض الأسماء]
فإن قيل : فلم قالوا : «حنفيّ» بالفتح ، وإن كان الأصل هو الكسر (٧)؟
قيل : لأنّهم قلبوا الكسرة فتحة طلبا للتّخفيف ، كما قالوا في النّسب إلى شقر : شقريّ ، وإلى : نمر : نمريّ بالفتح ، وإن كان الأصل هو الكسر طلبا للتّخفيف ، ألا ترى أنّهم لو قالوا «شقريّ ، ونمريّ» بالكسر ؛ لأدّى ذلك إلى توالي
__________________
(١) في (س) ياء النّسب وقد تنزّلت. (٢) سقطت من (س).
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (س) ثقفيّ.
(٥) في (س) الحذف.
(٦) سقطت من (ط).
(٧) في (س) والأصل فيه الكسر.