الَّذِي أَحْسَنَ)(١) بالرّفع ؛ فالتّقدير فيه «على الذي هو أحسن» ؛ فكذلك قوله عزّ وجلّ : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً)(٢) بالرّفع فالتّقدير : «ما هو بعوضة» ؛ وكذلك قوله عزّ وجلّ : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)(٣) أي : «هو أشدّ» فحذف المبتدأ في هذه المواضع كلّها ؛ وحذف المبتدأ جائز في كلامهم.
[ضمّة «أيّهم» بناء أو إعراب وخلافهم فيها]
فإن قيل : فهذه الضّمّة في «أيّهم» ضمة إعراب أو ضمّة بناء؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب سيبويه إلى أنّها ضمّة بناء ؛ لأنّهم لمّا حذفوا المبتدأ من صلتها دون سائر أخواتها ؛ نقصت فبنيت ، وكان بناؤها على الضّمّ أولى ؛ لأنّها أقوى الحركات ، فبنيت على الضّمّة ك «قبل ، وبعد» والذي يدلّ على أنّهم إنّما بنوها لحذف المبتدأ ، أنّهم لو أظهروا المبتدأ ، فقالوا «ضربت أيّهم هو في الدّار» ؛ لنصبوا ، ولم يبنوا. وذهب الخليل إلى أنّ الضّمّة ضمّة إعراب ، ويرفعه (٤) على الحكاية ؛ والتّقدير عنده : ... (٥) ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة الذي يقال لهم أيّهم». وذهب يونس إلى إلغاء الفعل قبله ، وينزل الفعل المؤثّر في الإلغاء منزلة أفعال القلوب. والصّحيح : ما ذهب إليه سيبويه ، وأمّا قول الخليل : إنّه مرفوع على الحكاية ؛ فالحكاية إنّما تكون بعد جري الكلام فتعود الحكاية إليه ، وهذا الكلام يصحّ ابتداء من غير تقدير قول قائل قاله ، وأمّا قول يونس فضعيف جدّا ؛ لأنّ الفعل إذا كان مؤثّرا ، لا يجوز إلغاؤه.
[علّة بناء أسماء الصّلات]
فإن قيل : فلم بنيت أسماء الصّلات؟ قيل لوجهين :
أحدهما : أنّ الصّلة لمّا كانت مع الموصول بمنزلة كلمة واحدة ، صارت بمنزلة بعض الكلمة ، وبعض الكلمة مبنيّ.
والوجه الثّاني : أنّ هذه الأسماء لمّا كانت لا تفيد إلّا مع كلمتين فصاعدا ، أشبهت الحروف ؛ لأنّها لا تفيد إلّا مع كلمتين فصاعدا.
__________________
(١) س : ٦ (الأنعام ، ن : ١٥٤ ، مك).
(٢) س : ٢ (البقرة ، ن : ٢٦ ، مد).
(٣) س : ١٩ (مريم ، ن : ٦٩ ، مك).
(٤) في (س) وترفعه.
(٥) في (ط) زيادة [قال الله سبحانه وتعالى] ولا تتوافق مع السّياق ، فلم نثبتها في المتن.