الباب التّاسع والخمسون
باب الحكاية
[فائدة الحكاية في الكلام]
إن قال قائل : لم دخلت الحكاية الكلام؟ قيل : لأنّها تزيل الالتباس ، وتزيد (١) التّوسّع في الكلام.
[الحكاية في المعارف والنّكرات وخلافهم في ذلك]
فإن قيل : فهل يجوز (٢) الحكاية في غير الاسم العلم والكنية؟ قيل : اختلفت (٣) العرب في ذلك ؛ فمن العرب من يجيز الحكاية في المعارف كلّها دون النّكرات ؛ قال الشّاعر (٤) : [الوافر]
سمعت : النّاس ينتجعون غيثا |
|
فقلت لصيدح انتجعي بلالا (٥) |
فقال : «النّاس» بالرّفع ، كأنّه سمع قائلا يقول : النّاس ينتجعون غيثا ، فحكى الاسم مرفوعا ، كما سمع. ومن العرب من يجيز الحكاية في المعرفة والنّكرة ؛ ومن ذلك قول بعضهم ، وقد قيل له : عندي تمرتان ؛ فقال : «دعني من تمرتان». وأمّا أهل الحجاز فيخصّونها بالاسم العلم والكنية ؛ فيقولون إذا قال : رأيت زيدا : من زيدا؟ ، وإذا قال : مررت بزيد : من زيد؟ ، فيجعلون «من»
__________________
(١) في (ط) وتزيل.
(٢) في (ط) يجوز.
(٣) في (س) اختلف.
(٤) الشّاعر هو : ذو الرّمّة ، وقد سبقت ترجمته.
(٥) المفردات الغريبة : ينتجعون : يطلبون مساقط الغيث. صيدح : اسم ناقة ذي الرّمّة.
موطن الشّاهد : (سمعت النّاس).
وجه الاستشهاد : وقوع «النّاس» مرفوعا في البيت على الحكاية ؛ لما بيّنه المؤلّف في المتن ؛ وحكم هذه الحكاية الجواز. غير أنّ للشّاهد رواية أخرى بنصب «النّاس» فلا شاهد فيه عليها.