الباب الرّابع والسّتّون
باب الإدغام
[معنى الإدغام]
إن قال قائل : ما الإدغام؟ قيل : أن تصل حرفا بحرف مثله من غير أن تفصل بينهما بحركة ، أو وقف ، فينبو اللّسان عنهما نبوة واحدة.
[الإدغام على ضربين]
فإن قيل : فعلى كم ضربا الإدغام؟ قيل : على ضربين ؛ إدغام حرف في مثله من غير قلب ؛ وإدغام حرف في مقاربه بعد القلب ؛ فأمّا إدغام الحرف في مثله ؛ فنحو : شدّ ، وردّ. و/ كان / (١) الأصل فيه «شدد ، وردد» إلّا أنّه لمّا اجتمع حرفان متحرّكان من جنس واحد ، سكّنوا الأوّل منهما ، وأدغموه في الثّاني ؛ وحكم المضارع في الإدغام حكم الماضي ؛ نحو : «يشدّ ، ويردّ» وما أشبه ذلك. وأمّا إدغام الحرف في مقاربه ؛ فهو أن تبدل أحدهما من جنس الآخر ، وتدغمه في الثّاني (٢) ؛ نحو : الحق كندة (٣) ، وانهك (٤) قطنا ، واسلخ غنمك ، وادمغ خلفا (٥) ، وما أشبه ذلك ، غير أنّه لا طريق إلى معرفة تقارب الحروف إلّا بعد معرفتها ، ومعرفة مخارجها ، وأقسامها ؛ وهي تسعة وعشرون حرفا ، وهي معروفة ، وقد تبلغ خمسة وثلاثين حرفا بحروف مستحسنة ، وهي النّون الخفيفة ، وهمزة بين بين ، والألف الممالة ، وألف التّفخيم ؛ وهي التي ينحى بها نحو الواو ؛ نحو : «الصلوة» ، والصّاد كالزّاي (٦) ، والسّين كالجيم ؛
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (س) فيه.
(٣) في (س) كلدة ؛ وهي الأرض الصّلبة. وأمّا «كندة» فهو أبو قبيلة من العرب.
(٤) انهك قطنا : اغسله غسلا جيّدا ، وبالغ في غسله ؛ ونهك الثّوب : إذا بالغ في غسله ، ولبسه حتّى خلق.
(٥) ادمغ خلفا : اطلب دماغه ، ودمغته الشّمس : آلمت دماغه. والخلف : الظّهر ، ونقيض قدّام.
(٦) في (ط) الزّاء.