الباب الأوّل
باب علم : ما الكلم؟
إن قال قائل : ما الكلم؟ قيل : الكلم اسم جنس ؛ واحده (١) «كلمة» ؛ كقولك : نبقة (٢) ونبق ، ولبنة ولبن وثفنة وثفن ، وما أشبه ذلك. فإن قيل : ما الكلام؟ قيل : ما كان من الحروف دالّا بتأليفه على معنى يحسن السّكوت عليه ، فإن قيل : فما الفرق بين الكلم والكلام؟ قيل : الفرق بينهما أنّ الكلم ينطلق على المفيد ، وعلى غير المفيد ؛ وأمّا الكلام ، فلا ينطلق إلّا على المفيد خاصّة ، فإن قيل : فلم قلتم : إنّ أقسام الكلام ثلاثة ، لا رابع لها؟ قيل : لأنّا وجدنا هذه الأقسام / الثّلاثة / (٣) يعبّر بها عن جميع ما يخطر بالبال ، ويتوهّم في الخيال ولو كان ها هنا قسم رابع ؛ لبقي في النّفس شيء ، لا يمكن التّعبير عنه ، ألا ترى أنّه لو سقط أحد (٤) هذه الأقسام الثّلاثة ؛ لبقي في النّفس شيء ، لا يمكن التّعبير عنه بإزاء ما سقط؟ فلمّا عبّر بهذه الأقسام عن جميع الأشياء ؛ دلّ على أنّه ليس إلّا هذه الأقسام الثّلاثة.
فإن قيل : لم سمّي الاسم اسما؟ قيل : اختلف فيه النّحويّون ، فذهب البصريّون إلى أنّه سمّي اسما لوجهين ؛ أحدهما : أنّه سما على مسمّاه ، وعلا على ما تحته من معناه ؛ فسمّي اسما / لذلك / (٥). والوجه الثّاني : أنّ هذه الأقسام الثّلاثة ، لها ثلاث مراتب ؛ فمنها ما يخبر به ، ويخبر عنه ، وهو الاسم ؛ نحو : «زيد قائم» ، ومنها ما يخبر به ، ولا يخبر عنه ، وهو الفعل ؛ نحو : «قام زيد» ، ومنها ما لا يخبر به ، ولا يخبر عنه ، وهو الحرف ؛ نحو : «هل ويل» وما أشبه ذلك ، فلمّا كان الاسم يخبر به ، ويخبر عنه ، والفعل يخبر به ، ولا يخبر عنه ،
__________________
(١) في (س) واحدته.
(٢) نبقة : مفرد «نبق» : وهو دقيق يخرج من لبّ جذع النّخلة ، وحمل السّدر.
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (ط) آخر ، والصّواب ما ذكرنا من (س).
(٥) سقطت من (س).