أصل لحركات الإعراب؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك؟ فذهب بعض النّحويّين إلى أنّ حركات الإعراب هي الأصل ، وأنّ حركات البناء فرع عليها ؛ لأنّ الأصل في حركات الإعراب أن تكون للأسماء ، وهي الأصل ؛ فكانت أصلا ؛ والأصل في حركات البناء أن تكون للأفعال ، والحروف ، وهي الفرع ؛ فكانت فرعا. وذهب آخرون إلى أنّ حركات البناء هي الأصل ، / وأنّ / (١) حركات الإعراب فرع عليها ؛ لأنّ حركات البناء لا تزول ولا تتغيّر عن حالها ، وحركات الإعراب تزول وتتغيّر ، وما لا يتغيّر أولى بأن يكون أصلا ممّا يتغيّر.
[هل الإعراب والبناء الحركات أو غيرها؟]
فإن قيل : هل الإعراب والبناء عبارة عن هذه الحركات ، أو عن غيرها؟
قيل : الإعراب والبناء ليسا عبارة عن هذه الحركات ، وإنّما هما معنيان يعرفان بالقلب ، ليس للّفظ فيهما حظّ ، ألا ترى أنّك تقول في حدّ الإعراب : هو اختلاف أواخر الكلم باختلاف العوامل ، وفي حدّ البناء : لزوم أواخر الكلم بحركة أو سكون؟ ولا خلاف أنّ الاختلاف واللّزوم ليسا بلفظين ، وإنّما هما معنيان يعرفان بالقلب ، ليس للّفظ فيهما حظّ ، والذي يدلّ على ذلك ، أنّ هذه الحركات ، إذا وجدت بغير صفة الاختلاف ، لم تكن للإعراب ، وإذا وجدت بغير صفة اللّزوم ، لم تكن للبناء ؛ فدلّ على أنّ الإعراب : هو الاختلاف ، والبناء : هو اللّزوم ، والذي يدلّ على صحّة هذا إضافة هذه الحركات إلى الإعراب والبناء ؛ فيقال : حركات الإعراب ، وحركات البناء ، ولو كانت الحركات أنفسها هي الإعراب ، أو البناء ؛ لما جاز أن تضاف (٢) إليه ؛ لأنّ إضافة الشّيء إلى نفسه ، لا تجوز ، ألا ترى أنّك لو قلت : حركات الحركات لم يجز؟ فلمّا جاز أن يقال : حركات الإعراب ، وحركات البناء ، دلّ على أنّهما غيرها (٣) ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) سقطت من (ط).
(٢) في (ط) يضاف إليه ، والصّواب ما ذكرنا.
(٣) في (ط) أنّهما غيرهما ، والصّواب ما ذكرنا ؛ لأنّ ضميرهما يعود إلى الإعراب والبناء ، وضمير «ها» يعود إلى الحركات. وفي (س) أنّها غيرها.