إنّ المقصود من بعثة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هداية الخلق إلى الحق ، وهم لا يستمعون إلاّ إلى قلب رحيم كبير كقلب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي وسع الناس ، كلّ الناس ، وما ضاق بجهل جاهل أو ضعف ضعيف » (١).
( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (٢) وخفض الجناح كناية عن اللين والرفق والتواضع (٣).
أي ألِن لهم جانبك وارفق بهم ، والعرب تقول : فلان خافض الجناح إذا كان وقوراً حليماً .. والمعنى : تواضع للمؤمنين لكي يتبعك الناس في دينك (٤). والتعبير عن تلك المعاني بخفض الجناح تعبير تصويري يمثّل لطف الرعاية وحسن المعاملة ورقّة الجانب في صورة محسوسة على طريقة القرآن الفنية في التعبير.
وفي هذه الآية الكريمة تعبير آخر عن الرفق واللين واللطف واليسر ، التي يحرص القرآن المجيد على أن يتخلق بها حملته ومبلّغوا تعاليمه ، وقد خوطب بها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وهو الذي يشهد له القرآن بقوله تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٥) وقوله سبحانه : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
__________________
(١) التفسير الكاشف ٢ : ١٨٨.
(٢) الحجر ١٥ : ٨٨.
(٣) تفسير الرازي ٩ : ٢١١.
(٤) مجمع البيان ٦ : ٤٤٧.
(٥) القلم ٦٨ : ٤.