إذ لم نسع نحوها حتى تُقْبِل هي إلينا.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الرفق رأس الحكمة ، اللّهم من وليَ شيئاً من أمور أُمتي فرفق بهم ، فارفق به ، ومن شقق عليهم فاشقق عليه » (١).
الحكمة كما لا يخفى هي وضع الشيء في محله ، ولما كان الرفق هو من محامد الصفات التي يتصف بها الخالق المتعال وأنبياءه الكرام وذوي الحجى والالباب ، وبه يعالجون سقم الناس ، فهو الدواء المحكمة مراهمه ، والبلسم الناجح شفاؤه ، ينفع مع الفرد في تطبيبه وتهذيبه ، ومع الاُمّة في تدبير أمرها وسَوْسها.
فالنبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن يعرّف الرفق بأنه رأس الحكمة ، يتوجه إلى ربه بالدعاء بالرفق لمن يرفق بمن وُليَّ عليه ، وبالمشقة على من يشق عليهم ، ولاشك أن دعوة المصطفى حبيب الله هي دعوة مستجابة حتماً ، وهي في الوقت نفسه كشف عن قانون وإرادة سماوية في المكافأة والمجازاة على الأفعال.
الصحبة في الله عمل ممدوح ، باركه الإسلام كثيراً ، وحثّ عليه ، وبشّر أهله بالثواب الجزيل والمنزلة الرفيعة ، لكن بين المتصاحبين في الله تفاضل ، فأحدهما أرفع منزلةً وأعظم أجراً من أخيه ، فبأيّ مزيّة نال هذا
__________________
(١) بحار الانوار ٧٥ : ٣٥٢.